للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدلّت هذه الأحاديث والأخبار على أن لا صدقة فى الخيل السائمة ولا فى الرّقيق إذا كانوا للخدمة، إلّا أن يكونوا للتجارة، فان كانوا للتجارة ففى أثمانهم أو قيمهم الزكاة إذا حال عليها الحول، وعلى هذا مذهب الجمهور؛ وذهب أبو حنيفة- رحمه الله- دون صاحبيه إلى وجوب الزّكاة فى الخيل السائمة إذا كانت إناثا، أو إناثا وذكورا، وقال: هو مخيّر بين أن تقوّم وتؤخذ الزكاة من القيمة، وبين أن يخرج عن كلّ فرس دينارا؛ واحتجّوا له بقوله عليه السلام: «ثم لم ينس حقّ الله فى رقابها وظهورها» ؛ قال المخالف لهم: وليس فيه دليل من وجهين: أحدهما أنّه صلى الله عليه وسلم لمّا ذكر الإبل السائمة وقال: «فيها حقّ» سئل عن ذلك الحقّ ما هو؟ فقال: «إطراق فحلها، وإعارة دلوها، ومنحة لبنها أو سمنها، وحلبها على الماء، وحمل عليها فى سبيل الله» ؛ فلمّا كانت الإبل فيها حقّ سوى الزكاة احتمل أن يكون فى الخيل أيضا حقّ سوى الزكاة؛ وقد روى التّرمذىّ»

وابن ماجة حديث فاطمة بنت قيس، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ فى المال حقّا سوى الزّكاة» وتلا هذه الآية (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)

الخ الآية؛ فيجوز أن يحمل الحقّ فى رقابها وظهورها على هذا الوجه. الثانى أن يحمل الحقّ فيها على التأكيد لا على الوجوب، كقوله «٢» صلّى الله عليه وسلم فى حديث معاذ: «وحقّ العباد «٣» على الله عزّ وجلّ أن لا يعذّبهم اذا فعلوا