الأقحوان تقبّل خدود وردها؛ خلخلت سوقها فضلات الجداول، واطّردت أنهارها كالأيم «١» وقد حثّ بأطراف العوامل «٢» ، فحكت المبارد متونا، والحيّات بطونا؛ أحمده على نعمه التى تأرّج نشرها، وبدا على جبين الدهر بشرها؛ حمدا تخضلّ من ترادف سيبها «٣» أغصانه، وتثمر بأنواع السعادة أفنانه؛ وأصلّى على سيّدنا محمد الذى عطّر الكون مسكىّ رسالته، ووطّد القواعد الشرعيّة مرهف بسالته؛ صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما توّجت الغمائم رءوس الرّبا، وسحب ذيل الصّبا على أزهار روضها مهبّ الصّبا؛ وبعد، فإنّ أولى ما وقعت المفاخرة بين غصنين نشآ فى جنّه، وبارقتين تألّقتا فى دجنّه؛ وزهرتين تفتّحتا فى كمامه، وقطرتين صدرتا من غمامه؛ ولمّا كان النرجس والورد قريعى هذه الصّفات، وقارعى هذه الصّفاة، تطاول كلّ منهما الى انه النديم، والخلّ الّذى لا يملّه الحميم؛ طالما عطّر بنشره الأكوان، وغازل بعيونه الغزلان؛ وأنارت شموس سعوده، وقبّلت حمرة خدوده؛ أحببت أن أقيمهما فى موقف المناضلة، وأشخّصهما «٤» فى معرض المفاضلة؛ ليبرهن كلّ منهما على ما ادّعى أنّه فى وطابه، ويبدى شعائر ما تقلّده وتحلّى به؛ فبالامتحان يظهر الزّيف، ولا يقبل الحيف؛ فعندها حدّق النرجس بأحداقه، وقام على قصبة ساقه؛ وتهيأ لمناضلة خصمه، وشرع يبدى شرائع حكمه؛ وقال: أشبهت العيون وأشبهت الخدود فلا فرق، ولقد علمت ما بينهما مثل ما بين القدم والفرق «٥» ؛ فأنا حارس مجلس