للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: إن طولها كان ألف ذراع.

وكان في أعلاها تماثيل من نحاس.

منها تمثال قد أشار بسبابته اليمنى نحو الشمس: أينما كانت من الفلك، يدور معها حيثما دارت.

ومنها تمثال وجهه في البحر متى صار العدوّ منهم على نحو من ليلة، سمع له صوت هائل يعلم به أهل المدينة طروق العدوّ.

ومنها تمثال كلما مضى من الليل ساعة، صوّت صوتا مطربا.

ويقال: إنه كان بأعلاها مرآة ترى منها قسطنطينيّة، وبينهما عرض البحر. وكلما جهز الروم جيشا رؤى في المرآة.

وحكى المسعودىّ في «مروج الذهب» أن هذه المنارة كانت في وسط الإسكندرية، وأنها تعدّ من بناء العالم العجيب، بناها بعض البطالسة من ملوك اليونان يقال له الإسكندر، لما كان بينهم وبين الروم من الحروب في البرّ والبحر.

فجعلوا هذه المنارة مرقبا، وجعلوا في أعلاها مرآة من الأحجار المشفّة، تشاهد فيها مراكب البحر إذا أقبلت من رومية على مسافة تعجز الأبصار عن إدراكها.

ولم تزل كذلك إلى أن ملكها المسلمون، فاحتال ملك الروم على الوليد بن عبد الملك بأن أنفذ أحد خواصّه ومعه جماعة إلى بعض ثغور الشام على أنه راغب فى الإسلام.

فوصل إلى الوليد وأظهر الإسلام، وأخرج كنوزا ودفائن كانت في الشام حملت الوليد على تصديقه فيما يدّعيه. ثم قال له: إن تحت المنارة أموالا ودفائن وأسلحة، دفنها الإسكندر. فصدّقه وجهّزه مع جماعة من ثقاته إلى الإسكندرية، فهدم ثلث