للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما مررنا عليه، إلّا وقفنا ... وأطلنا شوقا إليه الوقوفا.

آلفا للبكاء فيه، كأنّى ... لم أكن فيه للغوانى أليفا.

حاسدا للجفون لمّا أذالت ... فى مغانيه دمعها المذروفا!

وقال الشريف الرضىّ من أبيات:

ولقد رأيت بدير هند منزلا ... ألما من الضّرّاء والحدثان!

بالى المعالم، أطرقت شرفاته ... إطراق منجذب القرينة عانى.

أمقاصر الغزلان، غيّرك البلى ... حتّى غدوت مراتع الغزلان!

وملاعب الأنس الجميع طوى الرّدى ... منهم، فصرت ملاعب الجنّان!

وقال أبو الحسن علىّ القابوسىّ نثرا:

«قد كان منزله مألف الأضياف، ومأنس الأشراف؛ ومنتجع الرّكب، ومقصد الوفد؛ فاستبدل بالأنس وحشه، وبالنّضارة غبره، وبالضّياء ظلمه؛ واعتاض من تزاحم المواكب، بالأدم النّوادب؛ ومن ضجيج النّداء والصّهيل، عجيج البكاء والعويل» .

ومن رسالة لضياء الدين بن الأثير الجزرىّ، جاء منها:

« ... دار لعبت بها أيدى الزمن، وفرّقت بين الساكن والسّكن. كانت مقاصير جنّة، فأضحت وهى ملاعب جنّه. ولقد عميت أخبار قطّانها، وعفّت آثارها آثار وطّانها، حتى شابهت إحداهما في الجفا، الأخرى في العفا. وكنت أظن أنها لا تسقى بعدهم بغمام، ولا يرفع عنها جلباب ظلام؛ غير أن السحاب بكاهم وأجرى بها سوافح دموعه، والليل شقّ عليهم جيوبه فظهر الصّباح من خلال صدوعه» .