هابيل، ولم تحرق قربان قابيل، فداخله الحسد من ذلك، وقال: إن أولاد هذا تفتخر على أولادى من بعدى، فو الله لأقتلنه. قال الله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ.
قال: ثم رجعا من منّى- وهو موضع القربان- يريدان أباهما وهابيل أمام قابيل؛ فعمد قابيل إلى حجر فضرب به رأس أخيه (هابيل) فقتله، ثم مرّ على وجهه هاربا. قال الله تعالى: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ
؛ وإذا هو بغرابين قد اقتتلا، فقتل أحدهما الآخر، وجعل يبحث فى الأرض برجليه حتى حفر حفرة ودفن فيها المقتول؛ فقال قابيل فى نفسه ما أخبر الله تعالى به عنه: يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ.
فلمّا أبطآ على آدم خرج فى طلبهما، فأصاب هابيل مقتولا، فساءه ذلك واغتمّ غمّا شديدا، وكانت الأرض لمّا شربت دمه تغيّرت الأشجار عن نضارتها، فيقال: إن آدم قال:
تغيّرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبرّ قبيح
تغيّر كلّ ذى لون وطعم ... وقلّ بشاشة الوجه المليح
قتل «١» قابيل هابيلا أخاه ... فوا أسفى على الوجه الصبيح