مرّتين، فاذهب. فرجع ملك الموت إلى ربّه عزّ وجلّ وقال: إلهى قد علمت ما قال إدريس. قال الله تعالى: إنه حاجّك بكلامى، فذره فى جنتى. فذلك قوله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا.
هذا ما أورده الكسائىّ- رحمه الله- فى كتاب المبتدأ «١» .
ونقل الشيخ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبىّ- رحمه الله- فى كتابه المترجم (بيواقيت البيان فى قصص القرآن) وفى تفسيره أيضا فى سبب رفع إدريس عليه السلام، قال: وكان سبب رفعه على ما قال ابن عبّاس- رضى الله عنهما- وأكثر الناس: أنه سار ذات يوم فأصابه وهج الشمس، فقال: يا رب إنى مشيت يوما فتأذّيت منها، فكيف من يحملها خمسمائة عام فى يوم واحد؟! اللهم خفّف عنه من ثقلها، واحمل عنه حرّها. فلمّا أصبح الملك وجد من خفّة الشمس وخفّة حرّها ما لا يعرف؛ فقال: يا رب، خلقتنى لحمل الشمس، فما الّذى قضيت فىّ؟ فقال:
أما إنّ عبدى إدريس سألنى أن أخفّف عنك ثقلها وحرّها، فأجبته. قال: يا ربّ اجمع بينى وبينه، واجعل بينى وبينه خلّة. فأذن الله تعالى له؛ فأتى إدريس حتى إنّ إدريس ليسأله، فكان ممّا سأله أن قال: أخبرت أنّك أكرم الملائكة عند ملك الموت وأمكنهم عنده، فاشفع لى إليه أن يؤخّر أجلى فأزداد شكرا وعبادة. فقال الملك: لا يؤخّر الله نفسا إذا جاء أجلها. قال إدريس: قد علمت ذلك، ولكنّه أطيب لنفسى. قال: نعم أنا مكلّمه لك، فما كان يستطيع أن يفعل لأحد من بنى آدم فهو فاعله لك. ثم حمله ملك الشمس على جناحه، فرفعه إلى السماء