للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان صالح يخرج فى كلّ يوم إلى قبيلة من قومه يدعوهم إلى عبادة الله تعالى ويعظهم بأيّام عاد وما حلّ بهم فيقول الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ

فكان المستضعفون يقولون: إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ

والمتكبّرون يقولون: إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ.

ولم يزل صالح يدعوهم حتّى استكمل سبعين عاما؛ ثم أعقم الله نساءهم وجفّت أشجارهم فلم تثمر، ولم تضع لهم بقرة ولا شاة.

ثم لم يزل يدعوهم حتى استكمل مائة سنة وهم لا يزدادون إلا كفرا؛ فلمّا أيس منهم خرج يريد أن يدعو عليهم بالهلاك، وقال لقومه: لا تبرحوا حتى أعود إليكم. وقصد جبلا فطاف به حتى أمسى، فنظر إلى عين ماء، فتقدّم وتوضأ وقام ليصلّى ويدعو على قومه، فرأى فى الجبل كهفا، فدخله فرأى فيه سريرا من الذهب، عليه فرش الحرير، وفى وسط الكهف قنديل؛ فعجب من ذلك، وصعد على السرير، فضرب الله على أذنه فنام أربعين سنة؛ وأخذ قومه فى العبادة؛ فكان يموت منهم الوحد بعد الواحد، فيدفن إلى جانب المسجد، ويكتب على قبره:

«هذا فلان بن فلان» .

قال: ثم بعث الله- عزّ وجلّ- صالحا من نومته، فخرج من الكهف وتوضّأ وصلّى ركعتين، وأراد أن يدعو على قومه؛ فقيل له: لا تعجل عليهم، فإنّ عجلتك غيّبتك عن قومك أربعين سنة.

فعاد إلى قومه، وإذا برسوم وآثار لا يعرفها، وأشرف على مسجده وهو خراب ليس فيه إلّا الملائكة يحفظونه من فسّاق أهل ثمود؛ فقال: إلهى ما فعل