أصحاب الرسّ: أنّهم بقيّة ثمود وقوم صالح، وهم أصحاب البئر التى ذكرها الله تعالى فى كتابه وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ.
قال: وكانوا بفلج اليمامة نزولا على تلك البئر.
وكلّ ركيّة لم تطو بالحجارة والآجرّ فهى رسّ؛ وكان لهم نبىّ يقال له:(حنظلة ابن صفوان) . وكان بأرضهم جبل يقال له:(فلج) مصعد فى السماء ميلا وكانت العنقاء تأتيه، وهى أعظم ما يكون من الطير، وفيها من كلّ لون، وسمّوها العنقاء لطول عنقها، وكانت تكون فى ذلك الجبل وتنقضّ على الطير فتأكلها فجاعت ذات يوم وأعوزها الطير، فانقضّت على صبىّ فذهبت به، فسميّت عنقاء مغرب، لأنّها تغرب بما تأخذه وتذهب به، ثم انقضّت على جارية حين ترعرعت فأخذتها فضمّتها إلى جناحين لها صغيرين سوى الجناحين الكبيرين، فشكوا ذلك إلى نبيّهم؛ فقال: اللهم خذها واقطع نسلها، وسلّط عليها آفة تذهب بها.
فأصابتها صاعقة فآحترقت، فلم ير لها أثر بعد ذلك.
قال: ثم إنّ أصحاب الرسّ قتلوا نبيّهم، فأهلكهم الله تعالى.
قال الثعلبىّ: وقال بعض العلماء: بلغنى أنّه كان رسّان: أمّا أحدهما فكان أهله أهل بذر وعمود، وأصحاب غنم ومواش، فبعث الله إليهم نبيّا فقتلوه، ثم بعث الله رسولا آخر وعضّده بولىّ، فقتلوا الرسول، وجاهدهم الولىّ حتى أفحمهم؛ وكانوا يقولون: إلهنا فى البحر. وكانوا على شفير البحر؛ وكان يخرج إليهم من البحر شيطان فى كلّ شهر خرجة فيذبحون عنده، ويتّخذون ذلك اليوم عيدا؛ فقال لهم الولىّ: أرأيتم إن خرج إلهكم الّذى تدعونه وتعبدونه إلىّ وأطاعنى أتجيبونى إلى ما دعوتكم إليه؟ قالوا: بلى. وأعطوه على ذلك العهود والمواثيق، فانتظر حتى خرج ذلك الشيطان على صورة حوت راكبا على أربعة أحوات، وله عنق