ماء العين، ثم حفروا فى قرارها بئرا ضيّقة المدخل عميقة، وأرسلوا فيها نبيّهم، وألقوا عليه فيها صخرة عظيمة؛ ثم أخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا: الآن نرجو رضا آلهتنا عنّا إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها، ويصدّ عن عبادتها.
فبقوا عامّة يومهم يسمعون أنين نبيّهم، وهو يقول: سيّدى، ترى ضيق مكانى وشدّة كربى، فارحم ضعف ركنى وقلّة حيلتى، وعجّل قبض روحى ولا تؤخّر إجابة دعوتى. حتى مات عليه السلام.
فقال الله تعالى لجبريل: انظر عبادى هؤلاء الّذين غرّهم حلمى، وأمنوا مكرى، وعبدوا غيرى، وقتلوا رسولى؛ وأنا المنتقم ممّن عصانى ولم يخش عذابى وإنّى حلفت بعزّتى لأجعلنّهم عبرة ونكالا للعالمين.
فبينما هم فى عيدهم إذ غشيتهم ريح عاصف حمراء، فتحيّروا وذعروا منها وانضمّ بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقّد؛ وأظلّتهم سحابة سوداء، فألقت عليهم كالقبّة حجرا يلتهب نارا، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص فى النار؛ نعوذ بالله من غضبه ودرك نقمته «١» .