السّدّة التى كان عليها فطحطحها وكسر صفائح رخامها؛ ثم قال: لولا أنكم من أولاد الأنبياء لصحت بكم صيحة تخرّون على أذقانكم.
قال: وكان يهوذا قد عزم على أن يفعل شيئا، وكان على كتفه شعرة إذا غضب خرجت من جبّته فيقطر منها الدم، ثم يصيح صيحة فلا يسمعها أحد إلّا سقط مغشيّا عليه؛ وكان لا يسكن غضبه إلا أن يمسّه أحد من آل يعقوب؛ فدعا يوسف بابنه منسّا وقال: اذهب الى ذلك الكهل فمسّه بيدك، وتنحّ عنه من حيث لا يشعر بك. ففعل ذلك، فسكن غضبه؛ فقال يهوذا لإخوته: من الذى مسّنى منكم فقد سكن غضبى. قالوا: لم يمسّك غير ذاك الصبىّ. فقال: والله لقد مسّتنى يد من آل يعقوب.
فلمّا عسر عليهم ما عزموا عليه، عزموا على العود إلى أبيهم، وتركوا روبيل عند بنيامين.
قال: فلمّا انصرفوا دخل يوسف إلى منزله وأحضر بنيامين، وقال: أتعرفنى؟
قال: نعم، أنت العزيز، والله ما سرقت، فلا تعجل علىّ، فإنك موصوف بالإحسان.
فضمّه يوسف إلى صدره، وقال له: أنا أخوك يوسف. ثم كساه وسأله عن أبيه، فأخبره بما يقاسيه من أجله.
قال: ورجع إخوة يوسف إلى أبيهم فذكروا ما كان من خبر بنيامين، وأن روبيل أقام عنده.
قال: وكيف يسرق ولدى وهو من الذرّيّة الطيّبة؟ فقالوا له: واسأل القرية الّتى كنّا فيها والعير الّتى أقبلنا فيها وإنّا لصادقون* قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتينى بهم جميعا إنّه هو العليم الحكيم* وتولّى عنهم وقال يأسفى على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم إلى قوله: ما لا تعلمون.