للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانّ ولّى مدبرا ولم يعقّب.

فلما أمعن فى الهرب قال له جبريل: أتهرب من ربّك وهو يكلّمك؟ قال:

ما فررت إلّا من الموت. ورجع وهى بحالها؛ قال الله تعالى: خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى.

فأدخل يده فى فيها فإذا هى عصا؛ ثم قال الله له: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى

فذهب الخوف عن موسى؛ ثم أمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون، فقال: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى

. قال موسى: ربّ اشرح لى صدرى* ويسّر لى أمرى* واحلل عقدة من لسانى* يفقهوا قولى* واجعل لى وزيرا من أهلى* هارون أخى* اشدد به أزرى* وأشركه فى أمرى* كى نسبّحك كثيرا* ونذكرك كثيرا* إنّك كنت بنا بصيرا.

قال الله تعالى: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى.

قال: ثم تذكّر موسى ما كان منه فقال: ربّ إنّى قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون. فنودى: يا موسى لا تخف إنّى لا يخاف لدىّ المرسلون. ثم ذكّره الله منّته عليه فقال: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى

الآيات؛ ثم قال الله تعالى: اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى * فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى * قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى * قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى * فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى.

قال: وكان الخطاب لموسى وحده، والرسالة له ولهارون.

قال: وأمّا ابنة شعيب فاشتدّ بها الطلق، وسمع سكّان الوادى من الجنّ أنينها، فأتوها وأوقدوا النار عندها، وقبلوها؛ وقيّض الله تعالى لها من ردّها إلى أبيها؛ والله المعين.