غلب بنى إسرائيل فى العبادة، فبعث إبليس إليه شياطينه فلم يقدروا عليه؛ فأتاه وجعل يتعبد معه، وجعل قارون يتعبّد وإبليس يقهره فى العبادة ويفوقه؛ فخضع له قارون؛ فقال له إبليس: يا قارون، قد رضينا بهذا الذى نحن فيه، لا نشهد لبنى إسرائيل جماعة، ولا نعود مريضا، ولا نشهد جنازة؟
قال: فأحدره من الجبل إلى البيعة، فكانا يؤتيان بالطعام، فقال له إبليس:
يا قارون، قد رضينا أن نكون هكذا كلّا على بنى إسرائيل؟ فقال له قارون: فأىّ رأى عندك؟ قال: نكسب يوم الجمعة، ونتعبد بقية الجمعة.
قال: فكسبوا يوم الجمعة وتعبدوا بقيتها؛ فقال إبليس: قد رضينا أن نكون هكذا؟
قال قارون: فأىّ رأى عندك؟ قال: نكسب يوما ونتعبّد يوما فنتصدّق ونعطى.
قال: فلما كسبوا يوما وتعبّدوا يوما خنس إبليس وتركه، ففتحت على قارون أبواب الدنيا، فبلغ ماله- على ما رواه الثعلبىّ بسنده الى المسيّب بن شريك قال:
ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة، وكانت أربعمائة ألف ألف فى أربعين جرابا.
قال: فبغى وطغى حين استغنى، فكان أوّل طغيانه وعصيانه أنه تكبّر واستطال على الناس بكثرة الأموال، وكان يخرج فى زينته.
قال مجاهد: خرج على براذين بيض عليها سروج الأرجوان وعليه المعصفرات.
وقال ابن أسلم: خرج فى سبعين ألفا عليهم المعصفرات.
قال: وذلك أوّل يوم ظهرت فيه المعصفرات فى الأرض.
وقال مقاتل: خرج على بغلة شهباء على سرج من الذهب عليه الأرجوان ومعه ألف فارس عليهم الديباج وعلى دوابّهم الأرجوان؛ ومعه ستّمائة جارية بيض عليهنّ الحلىّ والثياب الحمر، وهنّ على البغال الشهب.