للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سيرين: قتله القاتل ثم احتمله فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يطلب بثأره ودمه ويدّعيه عليه.

قالوا: فجاء أولياء القتيل إلى موسى- عليه السلام- وأتوه بأناس وادّعوا عليهم القتل، وسألوه القصاص؛ فسألهم موسى عن ذلك، فجحدوا، فاشتبه أمر القتيل على موسى- عليه السلام- ووقع بينهم خلاف.

قال الكلبىّ: وذلك قبل نزول القسامة فى التوراة، فسألوا موسى- عليه السلام- أن يدعو الله ليبيّن لهم ذلك؛ فسأل موسى- عليه السلام- ربّه عزّ وجلّ؛ فأمرهم بذبح بقرة؛ فقال لهم موسى ما أخبر الله تعالى به فى قوله:

وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ

. أى تستهزئ بنا حين نسألك عن القتيل وتأمرنا بذبح البقرة؛ وإنما قالوا ذلك لتباعد ما بين الأمرين فى الظاهر، ولم يدروا ما الحكمة فيه. قال موسى: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ

، أى من المستهزئين بالمؤمنين؛ فلما علم القوم أنّ ذبح البقرة عزم من الله عزّ وجلّ، سألوه الوصف، فذلك قوله تعالى: قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ.

قال: ولو أنهم عمدوا إلى أدنى بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم؛ وإنما كان تشديدهم تقديرا من الله- عزّ وجلّ- وحكمة.

قال: ومعنى ادْعُ لَنا رَبَّكَ

. أى سل؛ وهكذا فى مصحف عبد الله:

«سل لنا ربّك يبيّن لنا ما هى وما سنّها» . قال موسى: إنه- يعنى الله عزّ وجلّ- يقول: إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ

: لا كبيرة ولا صغيرة عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ

أى نصف بين السّنين.