ومنهم من قال: إنّ الآيات نزلت فى البسوس، وكان رجلا أعطى ثلاث دعوات مستجابة، وكانت له امرأة، وكان له منها ولد، فقالت: اجعل لى منها دعوة واحدة. فقال: لك فيها دعوة، فما تريدين؟ قالت: ادع الله أن يجعلنى أجمل امرأة فى بنى إسرائيل. فدعا لها، فصارت أجمل امرأة فى بنى إسرائيل؛ فلما علمت أنّه ليس فيهم مثلها رغبت عنه، فغضب ودعا عليها، فصارت كلبة نبّاحة، فجاء بنوها وقالوا: ليس لنا على هذا قرار، قد صارت أمّنا كلبة نبّاحة والناس يعيّروننا بها، فادع الله أن يردّها إلى الحال الّتى كانت عليها. فدعا الله تعالى، فعادت كما كانت، فذهبت فيها الدعوات.
وقال أبو سعيد: نزلت فى أبى عامر بن نعمان بن صيفىّ الراهب الذى سمّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الفاسق، وكان قد ترهّب فى الجاهليّة ولبس المسوح وقدم المدينة، فقال للنبىّ صلّى الله عليه وسلّم: ما هذا الذى جئت به؟ فقال:
جئت بالحنيفيّة دين إبراهيم. قال: فأنا عليها، فقال له النبىّ صلّى الله عليه وسلّم:
لست عليها، ولكنّك أدخلت فيها ما ليس منها. ثم خرج إلى كفّار قريش.
وأخباره تذكر- إن شاء الله- فى سيرة سيّدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلّم.
فهذا ما قيل فى تفسير هذه الآية.
قال الكسائىّ: ونادى موسى فى قومه بعد رفع الطاعون عنهم: «أن احملوا» .
فحملوا واقتتلوا، فقتل الملك وبلعم، وانهزم الباقون، وغنم بنو إسرائيل من النساء والولدان شيئا كثيرا. والله تعالى أعلم بالصواب.