للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما عندهم حتى نفد، ثم أكلوا المواشى حتى أكلوا الكلاب والسنانير والفيران، وبلغ بهم الجوع حتى كانوا يأكلون من مات منهم، وإلياس بينهم وهم لا يرونه، ويدعونه وهو لا يجيبهم، وكان الله تعالى قد جعل أمر أرزاقهم إليه، فأوحى الله إليه أن السماء والأرض ومن عليها قد بكت على هؤلاء، وقد هلك كثير من خلقى بسببهم، وكلّ يدعوك ولا ترحمهم، فأنصف خلقى يا إلياس، فإنى أعصى فأرزق، وأكفر فأحلم. ففزع إلياس وقال: يا ربّ ما غضبت إلّا لك، وأنت أعلم بمصالح عبادك.

فأوحى الله اليه أن سر إليهم وادعهم، فإن آمنوا وإلّا كنت أرأف بهم منك.

قال: فانطلق إلياس حتى صار إلى أوّل قرية من قرى مدينتهم، فمرّ بعجوز فقال لها: هل عندك طعام؟ فقالت: وحقّ إلهى بعل ما ذقت الخبز منذ مدّة. قال:

فهلّا تؤمنين بالله! فقالت: إنّ ابنى اليسع على دين إلياس، ولا أراه ينتفع به وقد أشرف على الموت من الجوع. فقال له إلياس: يا اليسع، أتحبّ أن تأكل الخبز؟

فصاح: كيف لى بالخبز! ومات؛ فبكت العجوز ولطمت. فقال لها: إن أحياه الله وجاءك بما تأكلين أتؤمنين بالله؟ قالت نعم. فدعا الله تعالى، فقام اليسع وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن إلياس رسول الله، ورزقهم الله تعالى خبزا ولبنا، فأكلوا، وآمنت العجوز، وخرجت تنذر قومها، فخنقوها فماتت، فاغتمّ اليسع لذلك.

فقال له إلياس: إن الله سيحييها ويجعلكما آية لقومكما. وخرج إلياس إلى قومه وقد اجتمعوا عليها يريدون أكلها؛ فصاح بهم، فتفرّقوا عنها وقالوا: إنك أنت إلياس حقّا، فدعا الله تعالى فأحياها، فأقبل القوم عليه وقالوا: ألا ترى ما نحن فيه منذ سبع سنين! قال: فهلّا دعوتم صنمكم بعلا ليكشف عنكم! قالوا: قد دعوناه فلم يغن شيئا. قال: فإن أغاثكم الله تعالى أتؤمنون؟ قالوا نعم. فسأل الله تعالى فأمطرهم، وجرت أنهارهم وأنبتت أرضهم، وأحيا الله من مات منهم من الجوع،