قال: وجاء خصمان فادّعى أحدهما على الآخر أنه أودعه جواهرا؛ فاعترف به وقال: أعدته إليه، فتقدّم المدّعى وتناول السلسلة فدنت منه حتى تناولها، ثم قال للمدّعى عليه: تناولها. وكان قد أخذ الوديعة فجعلها فى قناة مجوّفة، فناولها للمدّعى وقال: الزم عصاى هذه، ومدّ يده إلى السلسلة فدنت منه حتى كاد يتناولها؛ ثم ارتفعت وتدلّت إليه مرارا، ثم تناولها، فقال داود للمدّعى: لعلّ هذا قد سلّم وديعتك لأهلك. فرجع وسأل أهله، فقالوا: ما دفع إلينا شيئا. فعاد وأعلم داود، فأخذ داود القناة وشقّها، فطلعت الوديعة منها؛ وارتفعت السلسلة من ذلك اليوم.
قال الثعلبىّ: وكان عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- إذا اشتبه عليه أمر الخصمين قال: ما أحوجكما إلى سلسلة بنى إسرائيل؟ كانت تأخذ بعنق الظالم فتجرّه إلى الحق جرّا. والله أعلم بالصواب.
ومنها: القوّة فى العبادة وشدّة الاجتهاد؛ قال الله تعالى: وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ
«١» ، أى القوّة فى العبادة إِنَّهُ أَوَّابٌ
أى توّاب مطيع مسبّح.
وكان داود يقوم الليل، ويصوم يوما ويفطر يوما، وما مرّت ساعة من الليل إلّا وفيها من آل داود قائم يصلّى، ولا يوم من الأيام إلّا وفيه منهم صائم.
ومنها: قوّة المملكة. قال الله تعالى: وَشَدَدْنا مُلْكَهُ
«٢» أى قوّيناه، وقرأ الحسن:(وشدّدنا ملكه) بالتشديد. قال ابن عباس: كان أشدّ ملوك الأرض سلطانا؛ كان يحرس محرابه كلّ ليلة ثلاثة وثلاثون ألف رجل. وقال السّدّىّ: