فى هذه الخطيئة، وأنت أكبر أولاده، والرأى أن ندعو الناس إليك وتقوم مقامه، فتبع رأيهم وتولّى الملك. فخاف داود على نفسه من سفهاء بنى إسرائيل، ففارق منزله واعتزل القوم برجلين من أصحابه. ثم جاء رجل من بنى إسرائيل اسمه أحيتوفل «١» إلى أبشالوم وقال: إنه لا يستقيم أمرك إلّا بعد وفاة أبيك، والرأى أن تعاجله وتقتله ما دام فى الخطيئة، فهمّ بذلك ثم صرفه الله عنه. فلما غفر الله تعالى لداود ورجع إلى قومه اعتزل ابنه «أبشالوم» فى طائفة من بنى إسرائيل. فلمّا ولد سليمان أرسل داود ابن أخت «٢» له يقال له: «يوآب «٣» » إلى ابنه «أبشالوم» وقال:
سر إليه فإنه اعتزلنى خوفا على نفسه، وما كنت بالذى أقتل ولدى وقد تاب الله تعالى علىّ ورزقنى هذا الولد المبارك، فإن ظفرت به فائتنى به مكرّما، وإيّاك أن تقتله، فإنك إن قتلته قتلتك به. فسار إليه فى نفر من أصحابه، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم أبشالوم ومن معه. فبينا هو فى هزيمته إذ مرّ بشجرة فعلق برنسه بها، وخرج الفرس من تحته، فأدركه يوآب فحمله الحرج «٤» على قتله فقتله وتركه معلّقا فى الشجرة، ورجع إلى داود فأخبره الخبر، فغضب وقال: إنى قاتلك به لا محالة عاجلا أو آجلا.
قال الثعلبىّ: فلما حضرت داود الوفاة أمر سليمان أن يقتله، فقتله بعد فراغه من دفن أبيه.