وكثرة الغيرة على أهلك من غير شىء؛ فإن ذلك يورث سوء الظنّ بالناس وإن كانوا برآء. واقطع طمعك عن الناس؛ فإنه هو الغنى. وإياك والطمع فهو الفقر الحاضر.
وإياك وما يعتذر منه من القول والفعل. وعوّد نفسك ولسانك الصدق؛ والزم الإحسان؛ فإن استطعت أن يكون يومك خيرا من أمسك فافعل. وصلّ صلاة مودّع، ولا تجالس السفهاء، ولا تردّ على عالم ولا تماره فى الدّين. وإذا غضبت فألصق نفسك بالأرض وتحوّل من مكانك. وارج رحمة الله فإنها واسعة وسعت كل شىء.
قالوا: ثم إن سليمان بعد أن استخلف أخفى أمره وتزوّج امرأة واستتر عن الناس، وأقبل على العلم والعبادة. ثم إن امرأته قالت له ذات يوم: بأبى أنت وأمّى، ما أكمل خصالك وأطيب ريحك! ولا أعلم لك خصلة أكرهها إلّا أنك فى مئونة أبى «١» ، فلو أنك دخلت السوق فتعرّضت لرزق الله لرجوت ألا يخيبّك الله. قال سليمان: إنى والله ما عملت عملا ولا أحسنه، ثم دخل السّوق صبيحة يومه ذلك فلم يقدر على شىء، فرجع فأخبرها. فقالت له: يكون غدا إن شاء الله.
فلما كان فى اليوم الثانى مضى حتى انتهى إلى ساحل البحر وإذا هو بصيّاد، فقال له: هل لك أن أعينك وتعطينى شيئا؟ قال نعم، فأعانه. فلما فرغ أعطاه الصياد سمكتين، فأخذهما وحمد الله تعالى، ثم إنه شقّ بطن إحداهما فإذا هو بخاتم فى بطنها، فأخذه وصرّه فى ثوبه، وحمد الله تعالى، وجاء بالسمكتين إلى منزله، ففرحت امرأته بذلك، فأخرج الخاتم [ولبسه «٢» فى إصبعه] ؛ فعكفت عليه