للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقدر الله تعالى وقضائه! إنه لا حيلة لأحد «١» فى دفع قضاء الله تعالى وقدره وعلمه السابق الكائن من خير وشرّ. قالت العنقاء: أومن بالله وأقول: إن المشيئة للعباد والقوّة، فمن شاء فليعمل خيرا ومن شاء فليعمل شرّا. قال سليمان: كذبت ما جعل الله من المشيئة إلى العباد شيئا، ولكن من شاء الله أن يكون سعيدا كان سعيدا، ومن شاء أن يكون كافرا كان كافرا، فلا يقدر أحد أن يدفع قضاء الله وقدره بحيلة ولا بفعل ولا بعلم، وإن الغلام الذى قد ولد بالمغرب والجارية التى ولدت بالمشرق قد اجتمعا الآن فى مكان واحد على سفاح، وقد حملت منه الجارية ولدا.

قالت العنقاء: لا تقل يا نبىّ الله هذا، فإن الجارية معى فى جوف فرسى هذا.

قال سليمان: الله أكبر! أين البومة المتكفّلة بالعنقاء؟ قالت: هأنا. قال سليمان:

على مثل قول العنقاء أنت؟ قالت نعم. قال سليمان: يا قدر الله السابق قبل الخلق أخرجهما على قضاء الله وقدره. قال: فأخرجهما جميعا من جوف الفرس.

فأما العنقاء فتاهت وفزعت فطارت فى السماء وأخذت نحو المغرب، واختفت فى بحر من بحار المغرب وآمنت بالقدر وحلفت لا ينظر «٢» الطير فى وجهها أبدا استحياء منها.

وأمّا البومة فلزمت الآجام والجبال وقالت: أمّا بالنهار فلا خروج ولا سبيل إلى المعاش. فهى إذا خرجت نهارا وبّختها الطير واجتمعت عليها وقالت لها:

يا قدريّة، فهى تخضع لهذا.

هذا ما كان من شأن العنقاء فى القضاء والقدر. فلنرجع إلى أخبار سليمان عليه السلام.