للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل للنبىّ صلى الله عليه وسلم: عجّل عليك الشيب يا رسول الله، قال: «شيّبتني هود وأخواتها»

. قيل: هى عبس، والمرسلات، والنازعات.

وقيل لعبد الملك بن مروان: عجّل عليك الشيب يا أمير المؤمنين، قال: شيبنى ارتقاء المنابر وتوقّع اللحن.

وقال بعضهم: خرجت إلى ناحية الطّفاوة، فإذا أنا بامرأة لم أر أجمل منها، فقلت:

أيتها المرأة، إن كان لك زوج فبارك الله له فيك، وإلا فأعلمينى. قال فقالت:

وما تصنع بى؟ وفيّ شىء لا أراك ترتضيه. قلت: وما هو؟ قالت: شيب في رأسى.

قال: فثنيت عنان دابتى راجعا، فصاحت بى: على رسلك، أخبرك بشىء، فوقفت وقلت: وما هو، يرحمك الله؟ قالت: والله ما بلغت العشرين بعد، وهذا رأسى فكشفت عن عناقيد كالحمم، وقالت: والله ما رأيت برأسى بياضا قطّ، ولكن أحببت أن تعلم أنّا نكره منك ما تكره منا، وأنشدت:

أرى شيب الرّجال من الغوانى ... بموضع شيبهنّ من الرجال!

قال: فرجعت خجلا، كاسف البال.

قال أبو تمام:

غدا الشيب مختطا بفودىّ خطّة ... سبيل الرّدى منها إلى النفس مهيع.

هو الزّور يجفى، والمعاشر يجتوى، ... وذو الإلف يقلى، والجديد يرقّع.

له منظر في العين أبيض ناصع، ... ولكنه في القلب أسود أسفع.

وقال آخر:

تقول لمّا رأت مشيبى ... بدا، وعندى له انقباض:

لا ترج عطفا عليك منّى، ... سوّد ما بيننا البياض!