قال فالذى يقول: إن المارّ إرميا وإنّ القرية بيت المقدّس، هو ما رواه محمد ابن إسحاق بن يسار عن وهب بن منبّه: أنه لمّا كان من أمر إرميا ما قدّمناه، وأنه طار لمّا التهب مكان القربان وخسف بسبعة أبواب من أبواب بيت المقدس حتى خالط إرميا الوحش ودخل بختنصّر وجنوده بيت المقدس وخرّب كما تقدّم. فلمّا رجع بختنصّر عن بيت المقدّس أقبل إرميا على حمار له معه عصير عنب فى ركوة «١» وسلّة تين حتى غشى إيلياء «٢» . فلمّا وقف عليها ورأى خرابها قال:«أنّى يحيى هذه الله بعد موتها» !. قال: ثم ربط إرميا حماره بحبل جديد، فألقى الله تعالى عليه النوم، فلمّا نام نزع منه الرّوح مائة عام وأمات حماره، وعصيره وتينه عنده، وأعمى الله تعالى عنه العيون فلم يره أحد وذلك ضحى، ومنع الله السباع والطير لحمه. فلمّا مضى من نومه سبعون سنة أرسل الله عز وجل ملكا إلى ملك عظيم من ملوك فارس يقال له:«بوسك «٣» » فقال له: إن الله عز وجل يأمرك أن تنفر بقومك فتعمّر بيت المقدس وإيلياء وأرضها حتى تعود أحسن ما كانت، فانتدب الملك ألف قهرمان مع كل قهرمان ثلاثمائة ألف عامل، فجعلوا يعمّرونها فعمّرت، ونجّى الله تعالى من بقى من بنى إسرائيل ولم يمت ببابل أحد منهم وردّهم الله تعالى إلى بيت المقدس وعمّروها ثلاثين سنة حتى كانوا كأحسن ما كانوا عليه؛ وذلك بعد أن خرّبت سبعين سنة. فلمّا مضت المائة سنة أحيا الله عز وجل منه عينيه وسائر جسده ميّت، ثم أحيا جسده وهو ينظر، ثم نظر إلى حماره فإذا عظامه متفرّقة بيض تلوح، فسمع صوتا من السماء: أيّتها العظام البالية إن الله