للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا صيّاد، احفظ هذا الغلام حتى يأتى اليك يونس فإنه أبوه فادفعه اليه. ثم قال له: يا نبىّ الله، أدع لى أن يغنينى الله عن صيد السمك، فدعا له فرزقه الله مالا وولدا. وسار يونس حتى قرب من بلاد نينوى، فإذا هو براع على قارعة الطريق يرعى غنما وهو يقول: اللهمّ اردد علىّ والدى، فرآه يونس فعرفه وهو ولده الأكبر، فتعانقا وبكيا طويلا، ثم قال له: يا أبت إنّ هذه الأغنام لرجل فى القرية فسر معى حتى أردّها اليه، فسارا إلى القرية وإذا بشيخ على باب داره، فقال له الغلام: هذا أبى. فقام الشيخ الى يونس وسلم عليه. فقال له يونس: هل تعرف قصّة هذا الغلام؟ قال الشيخ: نعم، كنت أرعى هذه الغنم، وإذا بهذا الغلام على ظهر ذئب فكلّمنى الذئب بقدرة الله وقال: إذا جاء اليك يونس فادفع إليه هذا الغلام. ثم قال له: يا نبىّ الله، أدع الله أن يغفر لى ذنوبى وأن يميتنى فى وقتى هذا، فدعا له فقبضه الله لوقته، فغسّله يونس وكفّنه وصلى عليه ودفنه. ثم سار حتى قرب من المدينة، فإذا هو بغلام يرعى غنما فوقف يونس عليه السلام وقال: يا غلام، هل من لبن؟ قال الغلام:

يا هذا، والذى بعث إلينا يونس نبيّا ما ذقت اللبن منذ غاب عنّا نبيّنا يونس. قال:

فأنا يونس نبىّ الله. فقبّل الغلام رأسه وقال: لو رأيتنا يا نبىّ الله ونحن نجول تحت العذاب لرحمتنا. قال: يا غلام، اذهب الآن الى المدينة وأخبر الناس أنك قد رأيتنى. قال: أخشى أن يكذّبونى. فقال: سر اليهم [وهذه الأغنام شهود «١» لك] .

فمضى حتى توسّط سوق المدينة وقال: أيها الناس، البشرى فقد رجع إلينا يونس نبيّنا وقد لقيته. فاتّصل الخبر بالملك فقام عن سريره وقال: علىّ بالغلام، فأتى به، فسأله فأخبره بمقدم يونس. ففرح وخرج الملك وأهل المدينة والتقوا بيونس وأدخلوه المدينة وأجلسه الملك فى موضعه، ووقف بين يديه، وفرح به أهل المدينة. فقام