ذلك مستخبرا لا مستنكرا. وهذا قول الحسن. «قال ربّ اجعل لى آية قال آيتك ألّا تكلّم الناس» تكفّ عن الكلام ثلاثة أيام وتقبل بكلّيّتك على عبادتى وطاعتى؛ لأنه ما حبس لسانه عن الكلام ولكنه نهى عنه؛ ويدلّ عليه قوله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ
. هذا قول قوم من أهل المعانى. وقال آخرون:
عقل لسانه عقوبة له لسؤاله الآية بعد مشافهة الملائكة إيّاه، فلم يقدر على الكلام ثلاثة أيام، لأنهم كانوا اذا صاموا لم يتكلّموا إلّا رمزا.
قال: وفى بعض الأخبار أنه لمّا ولد يحيى رفع الى السماء فغذّى بأنهار الجنّة حتى فطم ثم أنزل الى أبيه، فكان يضىء البيت لنوره.
واختلفوا فى تسميته بيحيى ولم سمّى بذلك؟ قال ابن عبّاس رضى الله عنهما:
لأنّ الله تعالى أحيا به عقر أمّه. وقال قتادة وغيره: لأنّ الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان والنبوّة. وقال الحسين بن الفضل: لأنّ الله تعالى أحياه بالطاعة حتى لم يعص ولم يهمّ بمعصية. وقيل: سمّى بذلك لأنه استشهد والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
ويحيى أوّل من أقرّ بعيسى عليه السلام وصدّقه؛ وذلك أنه لمّا كان فى بطن أمّه استقبلها مريم وقد حملت بعيسى، فقالت لها أمّ يحيى: يا مريم، أحامل أنت؟ فقالت: لماذا تقولين؟ قالت: إنى أرى ما فى بطنى يسجد لما فى بطنك؛ فذلك تصديقه وإيمانه. وكان يحيى أكبر من عيسى بستّة أشهر، وقتل قبل رفع عيسى. وقوله تعالى فيه: وَسَيِّداً وَحَصُوراً
قال ابن جبير: السيّد الذى يطيع ربّه عز وجل. وقال الضحّاك: السيّد الحسن الخلق. وقال عكرمة:
السيّد الذى لا يغضب. وقال سفيان: السيّد الذى لا يحسد. وحصورا، قال