وقال ابن عباس رضى الله عنهما: يعنى يأكل منها آخر الناس كما يأكل أوّلهم. وَآيَةً مِنْكَ
دلالة وحجة. قال الله عز وجل مجيبا لعيسى عليه السلام: إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ
. وقرأ أهل الشام وقتادة وعاصم «منزّلها» بالتشديد لأنها نزلت مرّات، والتفعيل يدل على التكثير مرّة بعد مرّة. وقال تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ
أى يكفر بعد نزول المائدة فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ «١»
أى عالمى زمانهم. قال: فجحد القوم وكفروا بعد نزول المائدة فمسخوا قردة وخنازير.
قال الثعلبىّ: واختلف العلماء فى المائدة، هل نزلت أم لا؟ فقال مجاهد:
ما نزلت مائدة، وهذا مثل ضرب. وقال الحسن: والله ما نزلت المائدة، إنّ القوم لمّا سمعوا الشرط وقيل لهم: فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ
. استعفوا وقالوا: لا نريدها ولا حاجة لنا فيها، فلم تنزل. قال أبو إسحاق الثعلبىّ: والصواب أنها نزلت، لقوله عز وجل:
إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ
ولا يقع فى خبره الخلف ولتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين رضوان الله عليهم وغيرهم من علماء الدين فى نزولها. قال كعب: أنزلت يوم الأحد، فلذلك أتخذه النصارى عيدا.
واختلفوا فى صفتها وكيفية نزولها، فحكى الكسائىّ عن وهب قال: أنزل الله تعالى على عيسى مكتلا «٢» فيه ثلاث سمكات مشويّات ليس لها شوك ولا قشر وثلاثة أرغفة، والملائكة تحملها حتى وضعوها بين يدى عيسى. قال: وقد قيل: إنّ المائدة كانت سفرة «٣» من الأدم الأحمر، وكان فيها سمكة واحدة مشويّة وحولها الخضر