للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلاليب فى حلقه فخرّ وفتح فاه ليستروح، فأمر الإسكندر بقطع الحديد فأحميت وحملت على ألواح من حديد وقذفت فى حلقه فمات. ففرح أهل ذلك الموضع بموته وألطفوا الإسكندر وحملوا اليه من طرائف ما عندهم. وكان فيما حملوه اليه دابّة فى خلق الأرنب، شعرها أصفر يبرق كالذهب، يسمّونها المعراج «١» ، وفى رأسها قرن واحد أسود، اذا رأتها الأسود وسباع الوحش وكلّ دابّة هربت منها.

وقال الأنماطىّ فى سياقة أخبار الإسكندر عن وهب تلو خبر السدّ: ثم انطلق ذو القرنين بعد ذلك، فبينما هو يسير إذ مرّ على شيخ يصلّى، فوقف عليه بجنوده حتى إذا انصرف من صلاته قال له: كيف لم يرعك ما حضرك من الجنود؟! قال: كنت أناجى من جنوده أكثر من جنودك، وسلطانه أعزّ من سلطانك، وقوّته أشدّ من قوّتك؛ ولو صرفت وجهى إليك لم أدرك حاجتى قبله. قال له: هل لك أن تنطلق معى وأواسيك بنفسى وأستعين بك على بعض أمرى؟ قال: نعم، إن ضمنت لى أربعة خصال: نعيم لا يزول، وصحة لا سقم فيها، وشباب لا كبر فيه، وحياة لا موت فيها. قال له ذو القرنين: وأىّ مخلوق يقدر على هذه الخصال!.

قال الشيخ: فإنّى مع من يقدر عليها ويملكها، فتركه وسار. فبينما هو يسير إذ دفع الى الأمة الصالحة من قوم موسى الذين يهدون بالحقّ وبه يعدلون، فوجد أمّة مقسطة عادلة يقسمون بالسّويّة، ويحكمون بالعدل ويتواسون، فكلمتهم واحدة، وقلوبهم مؤتلفة مستقيمة، وسيرتهم مستوية، وقبور موتاهم فى أفنيتهم، وليس على بيوتهم «٢» أبواب تغلق، وليس عليهم أمراء، ولا قضاة بينهم، ولا أشراف