للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالبحار السفن وجهّزت نحو الصين، وحملوا إليهم ما ليس عندهم، وكاتبوا ملكهم وكافئوه على ما كان قد هاداهم به من تحف بلاده، فعمرت بلاد الصين، واستقامت أمور مملكته الصين. فكانت مدّة حياته فى الملك نحوا من مائتى سنة وهلك، فجزع أهل مملكته عليه وحزنوا حزنا شديدا، وأقاموا النياحة عليه شهرا.

وملك بعده ابنه توتال «١» بن حرانان. قال: ولما ملك جعل جسد أبيه فى تمثال من الذهب، وسلك فيه سنّة من تقدّمه من آبائه، واستقام أمره، وأحدث من السّنن المحمودة ما لم يحدثه أحد من الملوك قبله. وقال لأهل مملكته: إنّ الملك لا يثبت إلا بالعدل لأنه ميزان البارى، وإنّ من العدل الزيادة فى الإحسان مع الزيادة فى العمل. وخصّ وشرّف وتؤج ورتّب الناس فى رتبهم، ووقفهم على طرائفهم. وخرج يرتاد موضعا يبنى فيه هيكلا، فوافى موضعا عامرا بالنبات، حسن الاعتمام بالزهر، تخترقه المياه. فحطّ الهيكل هناك. وجلبت له أنواع الأحجار المختلفة الألوان، فشيّد الهيكل وجعل على أعلاه قبّة، وجعل لها مخارق للهواء متساوية. وجعل فى الهيكل بيوتا لمن أراد الانفراد للعبادة. فلمّا فرغ من الهيكل نصب فى أعلاه تلك التماثيل التى فيها أجسام من سلف من آبائه، وقال: فى ترك ذلك على ما هو عليه خروج عن حدّ الحكمة، ويكون ذلك الى غير غاية ونهاية.

وأمر بتعظيم تلك الأجساد التى جعلها فى أعلى القبّة. ثم جمع الخواصّ من أهل مملكته وأخبرهم أنّ من رأيه أن يضمّ الناس الى ديانة يرجعون إليها فيجتمع الشمل ويتساوى النظام، وقال: إنه متى عدم الملك الشريعة لم يؤمن عليه الخلل، ودخول الفساد والزلل؛ فرتّب لهم سياسة وشريعة «٢» وفرائض، ورتّب لهم قصاصا