يتكلّم على باب الكواكب السبعة، فإنى سوف ألقى روحانيّة الكواكب على تلك الصور فتنطق. وإذا فرغت من ذلك فاجعل لكل مرتبة من المراتب التى قسمتها بابا من تلك الأبواب، وليكن باب الأسد لأهل بيت المملكة، وسائر الأبواب لسائر المراتب. فإذا تقدّم الخصمان إلى شىء من تلك الصور التصقت بالظالم وشدّت عليه شدّا عنيفا يؤلمه حتى يخرج لخصمه من حقّه، الذكر للذكر، والأنثى للأنثى، فيعرف بذلك المظلوم من الظالم، ومن كان له قبل أحد حقّ ودعاه الى تلك الصور فلم يجئ معه فأتاه المظلوم، وقد عرّف الصورة ذلك، أقعد الظالم من رجليه وخرس لسانه ولم يتحرّك. فاستراح الملك الى تلك الصورة. ولم تزل على ذلك حتى أزالها الطوفان مع ما أزال من أعمالهم وطلّسماتهم وعجائبهم. وعملت فى أيام سهلوق أعمال كثيرة، وكتبت سيرته وما عمل من العجائب فى مصحف. وعمل عقاقير كثيرة وتماثيل ومحرّكات وصنعة، وأمر أن يحمل ذلك كلّه إلى ناووس عمله لنفسه فى الجبل الغربىّ ونقل اليه حكمه. وهلك بعد أن ملك تسعا وستين سنة وحمل إلى ناووسه، وأقام أهل المملكة ووجوه المدينة ونساؤهم عند ناووسه شهرا يبكون عليه ويتوجّعون عنده، واغتّموا عليه غمّا لم يغتمّوه على ملك قبله، وأقاموا لناووسه سدنة يخدمونه.
وملك بعده ابنه سوريد بن سهلوق؛ وكان أبوه قد قلّده الملك قبل مهلكه، فملك واقتفى سيرة أبيه فى العمارة ومصالح البلد والإنصاف بين الناس والأخذلهم من نفسه وأهل بيته، وعمل الهياكل وبنى المنارات، ونصب الأعلام والطّلّسمات فأحبّه الناس.
وبنى بالصعيد ثلاث مدائن وعمل فيها عجائب كثيرة. وهو أوّل من جبى الخراج بمصر، وألزم أهل الصناعات على أقدارهم، وأوّل من أمر بالإنفاق على الزّمنى والمرضى من خزائنه. وعمل مرآة من أخلاط كان ينظر منها جميع الأقاليم ما أخصب منها وما أجدب وما حدث فيها، وكانت المرآة على منارة من النحاس وسط مدينة أمسوس،