للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تبرح حتى تؤخذ فتقتل، ففنى أكثر الغربان وزالت عن تلك الناحية إلى ناحية الشام. ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن أصاب بعض ملوكهم علّة ووصف له فيها لحم غراب يطبخه ويأكله ويشرب من مرقه فلم يوجد، فوجّه الى آخر العمل الذى بمصر من ناحية الشام من يأتيه بغراب فأبطأ عليه، فأمر بنزع الشجرة فرجع الغربان وأخذ منها ما عولج به الملك قبل أن يرجع رسوله.

ومما عمل فى وقته- وكانت الرمال قد كثرت عليهم من ناحية الغرب حتى ظهرت على زروعهم- فعمل لذلك صنما من صوّان أسود على قاعدة منه وعلى كتفه شبه القفّة فيها كالمسحاة، ونقش على جبهته وصدره وذراعيه وساقيه حروفا، وأقامه الكاهن بطالع أخذه له ووجهه إلى الغرب؛ فانكشفت تلك الرمال ورجعت إلى ورائها. فتلك الأكداس العالية فى صحراء الغرب منها. ولم تزل الرمال تندفع عنهم إلى أن زال ذلك الصنم عن موضعه. قال: وأقام البودسير مدّة واحتجب عن الناس، وكان يتجلّى لهم فى صورة وجه عظيم، وربما خاطبهم ولا يرونه، ثم غبر «١» مدّة وهم فى طاعته إلى أن رآه ابنه عديم وهو يأمره بالجلوس على سرير الملك.

فجلس عديم «٢» بن البودسير على الملك وكان جبارا لا يطاق، عظيم الخلق، فأمر بقطع الصخور ليعمل هرما كما عمل الأوّلون. قال: وكان فى وقته الملكان اللذان