بين الناس بالحق، ونهاهم عن الشرك والقتل بغير حق، ونهاهم عن الزنا وشرب الخمر. فأما عزاييل فإنه لمّا وقعت الشهوة فى قلبه استقال ربّه وسأله أن يرفعه إلى السماء فأقاله ورفعه، فسجد أربعين سنة ثم رفع رأسه. ولم يزل بعد ذلك مطأطئا رأسه حياء من الله تعالى. وأما الآخران فإنهما بقيا على ذلك، وكانا يقضيان بين الناس يومهما فإذا أمسيا ذكرا اسم الله الأعظم وصعدا إلى السماء. قال قتادة:
فما مرّ عليهما أشهر حتى افتتنا.
قال الثعلبىّ: قالوا جميعا: وذلك أنه اختصم اليهما ذات يوم الزّهرة، وكانت من أجمل النساء. قال علىّ رضى الله عنه: كانت من أهل فارس، وكانت ملكة فى بلدها، فلمّا رأياها أخذت بقلوبهما، فراوداها عن نفسها فأبت وانصرفت، ثم عادت فى اليوم الثانى ففعلا مثل ذلك، فأبت وقالت: لا! إلا تعبدا ما أعبد، وتصلّيا لهذا الصنم، وتقتلا النفس، وتشربا الخمر. فقالا: لا سبيل إلى هذه الأشياء؛ فإن الله عزوجل نهانا عنها، فانصرفت؛ ثم عادت فى اليوم الثالث ومعها قدح من خمرو فى أنفسهم من الميل إليها ما فيها، فراوداها عن نفسها فعرضت عليهما ما قالت بالأمس فقالا: الصلاة لغير الله عظيم، وقتل النفس عظيم، وأهون الثلاثة شرب الخمر؛ فشربا فانتشيا ووقعا بالمرأة وزنيا، فلمّا فرغا رآهما إنسان فقتلاه. قال الربيع بن أنس: وسجدا للصنم فمسخ الله عزوجل الزّهرة كوكبا.
وقال علىّ بن أبى طالب والسدّى والكلبىّ رضى الله عنهم: إنها قالت لهما: لن تدركانى حتى تخبرانى بالذى تصعدان به إلى السماء. فقالا: باسم الله الأكبر.
قالت: فما أنتما بمدركانى حتى تعلّمانيه. فقال أحدهما لصاحبه: علّمها! قال:
إنى أخاف الله. قال الآخر: فأين رحمة الله! فعلّماها ذلك. فتكلّمت به وصعدت