قال: وقد ذكر من رأى تلك القبة وأقاموا عليها أياما فما قدروا على الوصول إليها، وأنهم إذا قصدوها وكانوا منها على مقدار ثمانية أذرع دارت القبّة عن أيمانهم وشمائلهم وقد عاينوا ما فيها. ومن أعجب ما ذكروا أنهم كانوا يحاذون آزاجها أزجا أزجا فلا يرون غير الصورة التى يرونها من الأزج الآخر على معنى واحد. وذكروا أنهم رأوا وجهه فى قدر ذراع ونصف بالذراع الكبير، ولحيته كبيرة مكشوفة، وقدّروا طول بدنه عشرة أذرع وزيادة، وأنهم لمّا تهيأ أن يصلوا إليها فنى ماؤهم وخافوا على أنفسهم فرجعوا ليمتاروا ما يكفيهم من الزاد ففعلوا، ثم رجعوا فأقاموا أياما يطوفون تلك الصحراء، ثم أخبروا أنهم رأوا بها عجائب كثيرة وصنوفا من الوحش لم يروا مثلها.
قال: وفى كتبهم أنهم لا يصلون إليها إلا بأن يذبح لها ديك أفرق ويبخّر بريشه من بعد، ثم يسأل من المرّيخ الوصول حتى يصل، وتكون الكواكب النيّرة على مثل ما كانت عليه وقت نصبها من اجتماعها فى البروج: يكون زحل والمشترى والمرّيخ فى برج واحد، والشمس والقمر فى برج واحد، والزّهرة وعطارد فى برج واحد، ويتكلّم عليها بصلاة الكهنة سبع مرّات، فإذا وصل إليها لطّخ حائطها بدم الديك الذى قرّبه لها ويأخذ ما شاء من المال والتماثيل ولا يكثر المقام فيها ولا يقيم غير ساعة واحدة.
قال: وذكر هؤلاء الذين رأوها أنهم لم يكونوا من تلك الناحية وإنما خرجوا يطلبون غيرها؛ فإنهم سألوا أهل قفط عنها فلم يجدوا من يعرفها ولا رآها غير رجل شيخ منهم، فإنه ذكر أن ابناله خرج فى بعض الأمور ومعه جمل له فرآها ولم يصل إليها، وبحث عن أمرها فعرف أن قوما من الشرق جاءوا فى طلبها وأنهم أقاموا يطوفون بقفط أياما وخرجوا إليها فما رجع أحد منهم ولا عرف لهم خبر.