للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السبى يعملون فيه ويحملون الذهب إليه؛ وهو أوّل من أحبّ الصيد واتخذ الجوارح، وولّد الكلاب السلوقيّة من الذئاب والكلاب الأهلية، وعمل البيطرة وما تعالج به الدوابّ، وعمل من العجائب والطلّسمات لكل فنّ ما لا يحصى كثرة، وجمع التماسيح، بطلّسم عمله لها، إلى بركة بناحية أسيوط فكانت تنصبّ إليها من النيل انصبابا فتقتلها، وتستعمل جلودها فى السفن وغيرها، وتستعمل لحومها فى الأدوية والعقاقير المؤلّفة. قال: وبعض القبط يحكى أنه عمل بمصر اثنتى عشرة ألف أعجوبة وطلّسما، ولم يعمل فى بلد كما عمل فيها ولا تهيّأ لأهله ما تهيّأ لهم من ذلك.

قال: وأقام شدّاث فى الملك تسعين سنة وخرج يطرد «١» فأكبّ فرسه فى وهدة فقتله. وفى بعض كتبهم: أنه أخذ بعض خدمه، وقد خالفه فى أمر من الأمور، فأمر بطرحه من أعلى الجبل إلى أسفل فطرح فتقطّع جسده، وندم على فعله ذلك فرأى فى منامه أنه سيصيبه مثل ذلك فكان يتوقّاه، وآلى على نفسه ألا يعلو جبلا، وأوصى إن أصابه شىء أن يجعل ناووسه فى الموضع الذى يلحقه فيه ما يلحقه، ويزبر عليه: ليس ينبغى لذى القدرة أن يخرج عن الواجب ويفعل ما لا يجوز له فعله، وهذا ناووس شدّاث بن عديم بن قفطريم الملك، عمل ما لا يحلّ له فكوفئ عليه بمثله.

قال: ولمّا هلك عمل له سرب فى سفح الجبل فيه قبّة على مجلس قد صفّح بالفضّة وجعل فيه على سرير ملكه، وجعل معه من الأموال والجواهر والتماثيل وأصناف الحكم والمصاحف شىء كثير. وكان له أربعمائة وأربعون سنة.

وملك بعده ابنه منقاوش «٢» بن شدّاث؛ فملك بحزم وحنكة وأظهر مصاحف الحكم وأمر بالنظر فيها، وأن ينسخ منها لهم بخطّ العامّة ليفهموها، وردّ الكهنة إلى