للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى هياكلهم جميعا، فعمل له تمثالها من ذهب بذؤابتين من ذهب أسود، وألبست حلّة من جواهر منظومة وجعلت جالسة على كرسىّ، فكانت تجعل بين يديه فى موضع تجلس فيه يتسلّى بذلك عنها، فدفنت معه عند رجليه.

وملك بعده ابنه مناوش بن منقاوش؛ ملك بوصيّة من أبيه، فطلب الحكمة على عادة أبيه واستخرج كتبها وأكرم أهلها، وبذل فيهم الجوائز وطلب الإغراب فى عمل العجائب، وكان كل واحد من ملوكهم يجهد جهده فى أن تعمل له غريبة من الأعمال لم تعمل لمن كان قبله وتثبت فى كتبهم وتزبر على الحجارة فى تواريخهم.

قال: ومناوش هذا أوّل من عبد البقر من أهل مصر، وكان السبب فى ذلك أنه اعتلّ علّة يئس منه فيها، وأنه رأى فى منامه صورة روحانىّ عظيم يخاطبه ويقول له:

إنك لا يخرجك من علّتك إلا عبادة البقر لأن الطالع كان وقت حلولها بك فى صورة ثور بقرنين؛ ففعل ذلك، وأمر بأخذ ثور أبلق حسن الصورة، وعمل له مجلسا فى قصره وسقفه بقبّة مذهبة، فكان يبخّره ويطيّب موضعه، ووكّل به سادنا يقوم به ويكنس تحته، وكان يتعبّد له سرّا من أهل مملكته، فبرأ من علّته وعاد إلى أحسن أحواله.

ويقال: إنه أوّل من عمل العجل وضبّبها بالذهب، وعمل فيها قبابا من الخشب المذهبة وفرشت بأحسن الفرش، وكان يركب عليها مع من أحبّ. وقيل:

إنه عمل له ذلك فى علّته لأنه كان لا يقدر على الركوب؛ وكانت البقر تجرّه فإذا مرّ بالمكان النزه أقام فيه، وإن مرّ بالمكان الخراب أمر بعمارته. وقيل: إنه نظر إلى ثور أبلق من البقر الذى يجرّ عجلته فأعجبه حسن بشرته فأمر بترفيهه وسوقه بين يديه إلى كل موضع يسلكه إعجابا به، وجعل عليه جلّا من الدّيباج المنسوج بالذهب، فلما كان فى بعض الأيام- وقد خلا فى موضع منفرد عن أتباعه والثور قائم بين يديه-