وغرب عقلها وتناولت سكّينا ودخلت الى الملك وهو مغتر وتلك المرأة جالسة الى جنبه فضربتها بالسكّين، وقام الملك دونها ليمنعها منها فضربته على فؤاده فخرّ صريعا، وقبض على المرأة وحبست، ومات الملك. وقد أوصى بقتل المرأة ووضع رأسها على ناووسه. ومدّة ملكه ستون سنة.
وملك بعده ابنه مرقورة الملك؛ فدخل عليه العظماء وهنوه ودعوا له بدوام الملك والنعمة، وكان حازما عاقلا، فأخذ فى حسن التدبير وتقويم العمارة وترتيب المراتب، وجعل لرأس الكهّان الحكومة فى أمر الدّين. قال: وفى كتبهم أنه أوّل من ذلّل السباع بمصر وركبها. قال: وبنى [المدن «١» وعمّر] الهياكل وأقام الأصنام التى غربى منف، وكان ملكه نيّفا وثلاثين سنة، وعمل له ناووس على طريق الغرب على مسافة يومين.
وقلّة ابنه بلاطس بن مرقورة، فملك وهو صبىّ، وكانت أمّه تدبّر الملك مع الوزراء والكهنة، وكانت حازمة مجرّبة، فأجرت الأمور على ما كانت فى حياة أبيه، وأحسنت الى الأولياء، وعدلت فى الرعيّة، ووضعت عنهم بعض الخراج فأحبّوها.
وعملت فى وقته البركة العظيمة فى صحراء الغرب، وجعل فى وسطها عمود طوله ثلاثون ذراعا، فى أعلاه قصعة من حجارة يفور منها الماء فهى لا تنقص أبدا، وجعل حولها أصنام حجارة ملوّنة من كل صنف على صور الحيوان والوحش والطير، وكان كل جنس يأتى الى صورته ويألفها فيؤخذ ولا يدرى.
قال: ولمّا ترعرع الملك أحبّ الصيد ولهج به، فعملت له أمّه متنزّها فيه مجالس مركّبة على أساطين من المرمر مصفّحة بالذهب، عليها قباب مرصّعة بالتصاوير