وكانت سنّه خمسمائة سنة. وعمل له ناووس فى جبل بالشرق حفر [له «١» ] تحته سرب بطّن بالزجاج [والمرمر «٢» ] وجعل على سرير من ذهب [مرصّع «٣» ] وحملت إليه ذخائره، وجعل على بابه صورة تنّين لا يدنو منه أحد إلّا أهلكه، وزبر عليه اسمه وتاريخ وقته، وسفوا عليه الرمال.
وملكت بعده ابنته [تدرورة «٤» ] فدبّرت الملك وساسته بأيد وقوّة خمسا وثلاثين سنة ثم ماتت.
فقام بالملك بعدها أخوها «٥» فليمون «٦» بن أتريب؛ فردّ الوزراء إلى مراتبهم، وأقام الكهّان [على مواضعهم «٧» ] ولم يخرج الأمر عن رأيهم، وجدّ فى العمارات وطلب الحكم وعمل بها. وفى أيامه بنيت تنّيس الأولى التى غرّقها البحر، وكان بينها وبين البحر شىء كثير، وحولها الزروع والأشجار والكروم والقرى ومعاصر الخمر وغيرها وعمارة لم يكن أحسن منها، فأمر الملك أن يبنى له [فى «٨» ] وسطها مجالس، وينصب له عليها قباب، وتزيّن بأحسن الزينة والنقوش، وأمر بفرشها وإصلاحها، وكان إذا بدأ النيل فى الزيادة انتقل الملك إليها فأقام بها إلى النّوروز ورجع. وكان للملك بها أمناء يقسّمون المياه ويعطون كل قرية قسطها، وكان على تلك القرى حصن يدور بقناطر، وكان كل ملك يأتى يأمر بعمارتها والزيادة فيها ويجعلها له متنزّها.