فسألتها أن تسحره لها وبذلت لها على ذلك أموالا، وإذا الساحرة قد عشقته أشدّ من عشقها، فسعت بامرأة أبيه وعرّفته ما بذلت لها على ذلك، فأبعدها عن مجلسه ومنعها من الدخول إليه.
وبلغ ملكا من ملوك حمير أن ملك مصر صار إلى غلام حدث غرّ فطمع فيه وسار إليه فى جموع عظيمة، فخرج قرسون نحوه فالتقوا بأيلة «١» واقتتلوا قتالا شديدا حتى تفانّى الفريقان، فأتت تلك الساحرة إلى الملك فقالت: ما تجعل لى إن أعنتك على عدوّك حتى تفضّ جموعه وتظفر به؟ قال حكمك؛ فأخذت عليه بذلك العهود والمواثيق، وأصبحوا للحرب فدخّنت الساحرة بدخن عجيبة وأظهرت تخاييل هائلة، فهرب الحميرىّ فى نفر يسير من ثقاته، وقتل بقية أصحابه، وحاز جميع ما كان فى خزائنهم، وعاد الملك إلى منف بالظفر والغنيمة، فأتته الساحرة فسألته الوفاء بالشرط فقال:
احتكمى ما أحببت، فهذه الأموال والخزائن بين يديك؛ فقالت: ما أريد غير الملك؛ فقال: ويحك! إنك لست من أهل بيت الملك، وقد علمت ما فى هذا على الملك؛ فقالت: قد كان الملوك قبلك يغصبون نساء الناس ويلدن منهم ولا يسألون عن ولاداتهم، وأنا ابنة فلان رئيس الكهنة، ويوشك أن يحتاج الملك إلىّ بعد هذا. ولم تزل به حتى انصرف قلبه اليها، فتزوّجها وأحبّها وحظيت عنده. فضاقت الأرض بامرأة أبيه فأخذت فى أعمال الحيلة عليها؛ فدسّت جارية لها عاقلة لطيفة على ساقى الملك الذى يتولّى شرابه، فاختلطت بجواريه حتى