للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عبد الله بن الحدّاد الوزير:

يا شاكى الرّمد الذى بشكاته، ... قد صار دهرى فيه ليلة أرمدا!

الله والإشفاق يعلم أنّنى ... لو أستطيع فدا، لكنت لك الفدا!

كم من دم سفكت جفونك لم تزل ... تخفى وتكتم سفكه حتّى بدا.

لم يشتمل بدم غرار مهنّد ... إلا وقد أهدى النفوس إلى الرّدى.

وقال أبو الفرج الببغاء:

بنفسى ما يشكوه من راح طرفه ... ونرجسه مما دهى حسنه ورد!

أراقت دمى ظلما محاسن وجهه، ... فأضحت وفي عينيه آثاره تبدو!

غدت عينه كالجمر حتّى كأنما ... سقى عينه من ماء توريده الخدّ.

لئن أصبحت رمداء مقلة مالكى، ... لقد طال ما استشفت به مقل رمد!

وقال آخر:

قضب الهند والقنا أخدانك! ... والمقادير في الورى أعوانك!

أيّها ذا الأمير ما رمدت عي ... نك! حاشا لها، ولا أجفانك!

بل حكت فعلك الكريم لبضحى ... شانها في العلى سواء وشانك.

فهى تحمرّ مثل سيفك في الرّو ... ع، وتصفو كما صفا إحسانك.

وقال آخر وأجاد:

لقد جار ما تشكوه في الحكم واعتدى ... وأسرف في أفعاله وتمرّدا!

فمن لى بأن لو كنت أعرف حيلة ... تصيّر أجفانى لأجفانك الفدا؟

دهت عينك العين التى قد قضى القضا ... بأنك فيها سوف تصبح أرمدا.