للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له الملك: فأنّى «١» لنا خبره؟ فقال الكاهن: أرنا إلهك أيها الشيخ. قال:

إلهى أعظم من أن يرى. قال: فإنا نحن نرى آلهتنا. قال: لأن آلهتكم ذهب وفضة ونحاس وخشب، وما يعمله بنو آدم عبيد إلهى الذى احتجب عن خلقه بعزّ ربوبيته، لا إله إلا هو العزيز الحكيم. قال له فنيامين: إن لكل شىء دليلا، وكل شىء لا تراه العيون فليس بشىء، فغضب يعقوب وقال: كذبت يا عدوّ الله وطغيت فى هذه الدنيا؛ إن الله سبحانه وتعالى شىء وليس كالأشياء، وهو خالق كل شىء لا إله إلا هو. قال: فصفه لنا. قال: إنما يوصف المخلوقون ولا يوصف الخالق عزوجل؛ لأنه يرتفع عن الصفات؛ لأنه واحد قديم مدبّر للأشياء فى كل مكان يرى ولا يرى. ثم قام يعقوب مغضبا، فأجلسه الملك وأمر فنيامين أن يكفّ عنه ويكون بين يديه ويأخذ فى غير هذا. ثم قال الملك: كم عدّة من دخل معك إلى مصر؟ قال ستّون رجلا. قال الكاهن: كذلك نجده فى كتبنا؛ إن خراب مصر يجرى على أيديهم. قال الملك: فهل يكون فى أيامنا؟ قال: لا، ولا إلى مدّة كبيرة. والصواب أن يقتله الملك ولا يستبقى من ذرّيته أحدا. قال الملك: إن كان الأمر كما تقول فما يمكننا أن ندفعه ولا نقتل هؤلاء، وإن لهم إلها عظيما، وقد قبل قلبى هذا الشيخ، ومالى إلى قتله من سبيل، فخاطبه بألين الكلام؛ فجرت بينهما بعد ذلك مخاطبات ألان له فيها القول.

قال: ثم إن يعقوب عليه السلام أحبّ أن يعرف خبر مصر ومدائنها وكيف بنيت وخبر طلّسماتها وعجائبها. فسأله عن ذلك وسأله بحقّ الملك ألا يكتمه شيئا من أمرها فأخبره. قال: وأقام يعقوب عليه السلام مع الريان بن الوليد الملك يعظّمه ويبجّله إلى أن حضرته الوفاة، فأوصى أن يحمل إلى مكانه من الشأم، فحمل فى تابوت