للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يتنقّل الى مواضع شتّى يتنزّه فيها، وإذا أراد أن يضرّ الناس بشىء منعه يوسف عليه السلام ودفعه عنه الى أن توفّى يوسف عليه السلام، كما تقدّم فى خبر وفاته، فاستوزر الملك دارم بعده بلاطس بن منسا الكاهن، فكان بلاطس يطلق له ما كان يوسف يمنعه عنه، وحمله على أذى الناس وأخذ أموالهم فبلغ منهم كل مبلغ.

وعمل الوادى المنحوت بين الجبلين فى الناحية الغربية وكنز الأموال فلا يوصل إليها، وجعل صقالة من الوادى الى باب الخبّاء، وجعل له بابا من الحديد يتوصّل إليه من تلك الصقالة، وصمده بجماعة من العفاريت يمنعون من ذلك الخباء، فمن رامه من الناس سقط فى الوادى. وقال آخرون: كنزها فى موضع منه يدخل إليه وينظر الى الأموال مكشوفة مضروبة، فى كل دينار عشرة مثاقيل عليها صورته، فإن أخذ الداخل منها شيئا انطبق عليه الباب فلم يقدر على الخروج، فإذا ردّه الى موضعه انفتح له الباب. وهو بحاله الى هذا الوقت كما زعموا.

قال: ثم زاد دارم فى التجبّر الى أن اختلع كلّ امرأة جميلة بمدينة منف من أهلها؛ ولا يسمع بامرأة حسناء فى ناحية من النواحى إلا وجّه فحملت إليه. وفشا ذلك فى المملكة واضطرب الناس من فعله وشقّ عليهم أمره الى أن شغبوا عليه وعطّلوا الصنائع والأعمال والأسواق فعدا على جماعة منهم فقتلهم. وزاد الأمر حتى اجتمعوا على خلعه، فخاف بلاطس الوزير أن يفسد أمر المملكة فدخل على الملك وأشار عليه أن يتودّد الى الناس ويعتذر إليهم ويردّ نساءهم فأبى إلا مخالفته، وهمّ أن يخرج الى الناس فى خاصّته ويقتل منهم وقال: إنما هم عبيدى وعبيد آبائى. فلم يزل يرفق به الى أن سكن غضبه؛ فأمره أن يعتذر الى الناس عنه، ففعل الوزير ذلك وذكر عنه جميلا، فأبى الناس أن يقبلوا منه دون مخاطبتهم الملك فضمن لهم ذلك وخاطبه وأشار به عليه، فأمره أن ينادى فى الناس بالحضور فى يوم عيّنه،