وإن ارتفعا خرج، وإن ارتفع أحدهما مكث شهرا. ومن نحو هذا من غائب ودين وفساد وصلاح. ويقال إن بختنصّر لما ظفر بمصر حمله فى جملة ما حمل الى بابل وجعله فى بيت من بيوت النار.
قال: وطالب كاسم الناس بلزوم الأعمال وإظهار الصنائع، فعملت كل غريبة منها: التنّور الذى يشوى من غير نار فيه، والقدور التى يطبخ فيها من غير نار، والسكين التى تنصب فإذا رآها شىء من البهائم أقبل حتى يذبح نفسه بها، والماء الذى يستحيل نارا، والزجاج الذى يستحيل هواء، وأشياء من ذلك.
قال: فأقام فى أوّل ولايته ثلاث سنين بأجمل أمر وأصلح حال، ومات وزير أبيه الذى كان معه فاستخلف رجلا من أهل بيت المملكة يقال له طلما، وكان شجاعا فارسا كاهنا كاتبا حكيما دهيّا متصرّفا فى كل فنّ، وكانت نفسه تنازعه الملك فصلح أمر المملكة بمكانه وأحبه الناس، فعمل معالم كثيرة وعمر خرابا وبنى مدنا من الجانبين. ورأى فى نجومه أنه ستكون شدّة فاستعمل ما استعمله نهراوش، وبنى بناحية رقودة والصعيد ملاعب ومصانع. وشكا القبط اليه حال الإسرائليين فقال: هم عبيد لكم، فكان القبطىّ اذا أراد حاجة سخر الإسرائيلى، وكان القبطىّ يضرب الإسرائيلىّ فلا ينكر عليه أحد، وإن ضرب الإسرائيلىّ القبطىّ قتل، فكان أوّل من أذى بنى إسرائيل، ويفعل نساء القبط بنساء بنى إسرائيل ما يفعل الرجال بالرجال من السّخر والضرب.
قال: وفى أيام أكسامس بنيت منارة الإسكندرية. وفى زمانه هاج البحر المالح فغرّق كثيرا من القرى والجنان والمصانع. وحكى أن أكسامس تغيّب عن الناس مدّة. وقيل: مات وكتموا موته. وكانت مدّة ملكه إلى أن غاب إحدى وثلاثين سنة، وأقام طلما إحدى عشرة سنة يدبّر المملكة ثم اضطرب الناس على