وانتهى الخراج فى وقته الى سبعة وتسعين ألف ألف دينار، وكان ينزل الناس على مراتبهم. وهو أوّل من عرّف العرفاء على الناس، وكان ممن صحبه من الإسرائليين رجل يقال له إمرى، وهو عمران أبو موسى عليه السلام، وهو أخو مزاحم لأبويه، ومزاحم أبو آسية، فهى ابنة عمّ موسى وبنت خالته، فجعل فرعون عمران حارسا لقصره يتولى حفظه وفتحه وإغلاقه. وكان رأى فى كهانته أن هلاكه على يد مولود من الإسرائليين، فمنعهم المناكحة ثلاث سنين؛ لأنه رأى أن ذلك المولود يكون فيها. ثم كان من خبر موسى فى حمل أمه به وولادته وغير ذلك من أمره ما قدّمنا «١» ذكره فى قصة موسى عليه السلام فلا فائدة فى إعادته.
وقد نقل أن موسى عليه السلام لمّا كبر عند فرعون عظم شأنه وردّ فرعون إليه كثيرا من أمره وجعله من قوّاده، وكانت له سطوة؛ ثم وجهه فرعون لغزو الكوثانيين، وكانوا قد عاثوا فى أطراف مصر، فخرج فى جيش كثيف فرزقه الله عزوجل الظّفر، فقتل منهم خلقا وأسر خلقا وانصرف سالما فسرّ به فرعون وآسية. قال: واستولى موسى وهو غلام على كثير من أمر فرعون وأراد أن يستخلفه حتى قتل رجلا من أشراف القبط فكان من أمره ما تقدّم ذكره.
والله أعلم.
هذا ما أورده إبراهيم فى كتابه؛ ولم يذكر من أخبار ملوك مصر بعد غرق فرعون شيئا ولا ذكر من ملك بعده. وقد أشار المسعودى فى مروج الذهب الى نبذة من أخبار من ملك مصر بعد غرق فرعون نحن نذكرها. وأما سياقة أخباره فيما كان قبل فرعون فهذا الذى ذكرناه أتمّ منه وأكثر استيعابا.