للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرب معه، ثم أقبل فراسياب فى جمع عظيم من الأتراك والتقى هو وكيخسرو ونشبت بينهما حروب عظيمة يقال إنه لم ير مثلها قبلها قط على وجه الأرض، فكانت الدائرة على الترك، وانهزم فراسياب وكثر القتل فى أصحابه وأتبعه كيخسرو حتى أدركه بأذربيجان فظفر به واستوثق منه بالحديد ووبّخه على ما كان منه من قتل سياوخش، فلم يكن له حجة، فذبحه ثم انصرف. وقد غنم غنائم عظيمة لا تحصى وأدرك بثأره.

قال: ولما فرغ كيخسرو من أمر الترك ورجع إلى بلاده واستقرّ بدار ملكه زهد فى الملك وتنّسك، وأعلم وجوه أهل بيته وأكابر مملكته أنه قد عزم على التخلى والأنفراد وترك الملك؛ فجزعوا من ذلك وسألوه ألا يفعل، فأبى عليهم. فلما أيسوا منه سألوه أن ينصب فى الملك من يراه له أهلا، فأشار بيده إلى لهراسف وأعلمهم أنه خاصته ووصيته، فقبل لهراسف ذلك وأقبل الناس عليه. وفقد كيخسرو. فمنهم من يقول: إنه غاب للتنسك، وبعضهم يقول غير ذلك، إلا أنه لم تعلم جهة وفاته. قال: وكان ملكه ستين سنة. قال: وفى أيام ملكه كان سليمان بن داود عليه السلام.

ثم ملك بعده لهراسف «١» ؛ وقيل فيه بهراسف بن تنوفى بن كيمش وهو ابن أخى كيقابوس ويلقب بكى لهراسف. قال: ولما ملك اتخذ سريرا من ذهب مكللا بالجوهر للجلوس عليه، وبنيت له بأرض خراسان مدينة، وسماها بلخ الحسناء.

قال: وهو أوّل من دوّن الدواوين، وقوّى ملكه بانتخاب الجنود، وعمر الأرض.

وكانت شوكة الأتراك اشتدّت فى زمانه، فنزل بلخ لمقاتلتهم، ووجه بختنصر