المقدس فأخذ المدينة عنوة وقتل المقاتلة وسبى الذرّية وهرب الباقون إلى مصر، فكتب بختنصر إلى ملك مصر: أن عبيدا لى هربوا منى إليك فسرّحهم إلىّ وإلا غزوتك وأوطأت خيلى بلادك، فكتب إليه ملك مصر: إنهم ليسوا عبيدك، ولكنهم الأحرار أبناء الأحرار، وامتنع من إنفاذهم اليه، فغزاه بختنصر وقتله وسبى أهل مصر، ثم سار فى أرض المغرب حتى بلغ أقصى نواحيها.
قال صاحب كتاب تجارب الأمم: وقد حكى أهل التوراة وغيرهم فى أمر بختنصر أقوالا مختلفة، فذكروا منها: أن بختنصر لما خرّب بيت المقدس أمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابا ثم يقذفه فى بيت المقدس، فقذفوا فيه من التراب ما ملأه. قال: ولما انصرف إلى بابل اجتمع معه سبايا بيت المقدس من بنى إسرائيل وغيرهم، فاختار منهم سبعين ألف صبىّ، فلما فرّق الغنائم على جنوده سألوه أن يقسم فيهم الصبيان، فقسمهم فى الملوك منهم، فأصاب كل رجل منهم أربعة، وكان من أولئك الغلمة الذين سباهم، دانيال النبىّ وحنين ومنشايل، وسبعة آلاف من أهل بيت داود، وأحد عشر ألفا من سبط بشر بن يعقوب. ثم غزا بختنصر العرب، وذلك فى زمن معدّ بن عدنان.
قال: وكانت مدّة غلبة بختنصر إلى أن مات أربعين سنة، ثم قام ابن له يقال له أو نمروذ «١» ثم [هلك، وملك مكانه ابن له يقال «٢» له] بلتنصر، وذلك فى زمن بهمن، فلم يرض بهمن أمره فعزله وملّك مكانه كيرش، وتقدّم إليه بهمن أن يرفق ببنى إسرائيل ويمكّنهم من النزول حيث سألوا، أو الرجوع إلى أرضهم، وأن يولّى