ببلاد خرزاسف دابة موقوفة فى منزلة الدوابّ التى تكون على أبواب الملوك، وغير ذلك مما وقعت عليه المهادنة. فأشار زرادشت على بشتاسف بنقض الهدنة ومفاسدة ملك الترك، فبلغ ملك الترك ذلك، فغضب وكتب إليه كتابا غليظا من جملته أن يوجه إليه زرادشت، وأقسم إن امتنع أن يغزوه حتى يسفك دمه ودماء أهل بيته؛ فأجابه بشتاسف بجواب أغلظ من كتابه وآذنه بالحرب وأعلمه أنه غير ممسك عنه إن أمسك هو. فسار كل منهما الى الآخر، ومع كل واحد منهما إخوته وأهل بيته، والتقوا واقتتلوا قتالا شديدا، فكانت الدائرة على الترك، وقتل اسفنديار بن بشتاسف بيدرفش «١» الساحر مبارزة؛ وقتلت الترك قتلا ذريعا، وهرب ملكهم خرزاسف ورجع بشتاسف الى بلخ.
قال: فلما مضت لتلك الحرب سنون سعى رجل يقال فروخ «٢» بإسفنديار الى بشتاسف ونسبه أنه تطاول للملك، وزعم أنه أحقّ به، فأفسد بذلك قلب بشتاسف عليه، وصدق مقالة فروخ، فأخذ فى التدبير على إسفنديار وجعل يرسله الى حرب بعد حرب، وهو يظفر وينجح ويرجع بالغنائم، ثم أمر بتقييده فقيّد، وصيره فى الحبس فى حصن من حصونه، وسار بشتاسف الى جبل يقال له طميدر لدراسة دينه والتنسك هناك، وخلّف أباه لهراسف فى مدينة بلخ، وقد كبرت سنه وهرم وعجز.
قال: فاتصل هذا الخبر بخرزاسف ملك الترك، فجمع من الجنود ما لا يحصى كثرة، وشخص من بلاده نحو بلخ حتى [إذا «٣» ] انتهى الى تخوم ملك فارس قدّم أمامه