قباذ بالتلطف فى هذا الأمر وكتمانه، وإعمال الحيلة وحسن التدبير فيه، فغدا سابور على قباذ فوجد خاله ساخورا عنده، فتقدّم سابور إليه وهو آمن، فألقى وهقا «١» فى عنقه واجتذبه وأوثقه بالحديد ثم أودعه السجن، وقتله قباذ وخافته الفرس بعده.
وفى أيام قباذ ظهر مزدق- ويقال فيه: مزدك، وتفسيره: حديد الملك؛ وإليه تضاف المزدقية، ويقال لهم العدلية- وقال: إن الله تعالى إنما جعل الأرزاق فى الأرض مبسوطة ليقسّمها عباده بينهم بالسوية، ولكن الناس يظلمون؛ واستأثر بعضهم على بعض، فانضم اليه جماعة وقالوا: نحن نقسم بين الناس بالسويّة ونردّ على الفقراء حقوقهم من الأغنياء، ومن عنده فضل من المال والقوت والنساء والمتاع وغير ذلك فليس هو له ولا أولى به من غيره؛ فافترص السّفلة ذلك واغتنموه واتبعوا مزدك وأصحابه، فقوى أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل فى داره فيغلبونه على ما فيها من ماله ونسائه ولا يستطيع أن يردّهم عنه ولا يدافعهم. ورأى الملك قباذ رأى مزدك وأصحابه وتابعهم فازداد قوة، فلم يلبث الناس إلا قليلا حتى صار الأب لا يعرف ولده، ولا الولد يعرف والده، ولا يملك أحد شيئا، وصيّرت العدلية قباذ فى مكان لا يصل اليه غيرهم، فاجتمعت الفرس على خلع قباذ من الملك ففعلوا ذلك.
وملّكوا عليهم عند ذلك جاماسف بن فيروز. وهو أخو قباذ. وقيل:
إن المزدكية هم الذين أجلسوه. قال: ولما ملك جاماسف قبض على أخيه قباذ وحبسه فاحتالت أخت قباذ فى خلاصه. وذلك أنها أنت الى الحبس الذى هو