للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد ذلك بقدر جرمه. وأمر بعيال ذوى الأحساب الذين مات قيّمهم فكتبوا له فأنكح بناتهم للأكفاء وجعل جهازهم من بيت المال، وأنكح بنيهم من بيوتات الأشراف وأغنيائهم. وأمرهم بملازمة بابه ليستعين بهم فى أعماله، وخيّر نساء والده أن يقمن مع نسائه فيواسين ويصيّرن فى الأحرار، ويبتغى لهنّ الأكفاء من البعول، ثم أمر بكرى الأنهار وحفر القنى. وأمر بإعادة كل جسر قطع، أو قنطرة خربت أن تردّ الى أحسن ما كانت عليه، وتخيّر الحكام والعمال وأمرهم أن يسيروا بسيرة أردشير ووصاياه.

فلما انتظمت له هذه الأمور واستوثق له الملك ووثق بجنده سار نحو أنطاكية فافتتحها، وأمر أن تصوّر له المدينة على هيئتها وذرعها وطرقها وعدّة منازلها، وأن تبنى له مدينة على صفتها الى جانب المدائن، فبنيت المدينة المعروفة بالرومية، ثم نقل أهل أنطاكية اليها. فلما دخلوا باب المدينة مضى كل أهل بيت الى ما يشبه منازلهم التى كانوا فيها بأنطاكية. وفتح مدينة هرقل ثم الإسكندرية، ثم أخذ نحو الخزر، ثم الى الهياطلة فقتل ملكهم بفيروز، وصاهر خاقان ملك الترك، وتجاوز بلخ وأنزل جنوده فرغانة، وبنى باب الأبواب. وقد ذكرناه فى المبانى القديمة «١» .

ولما بنى هذا السور هابته الملوك وراسلته وهادنته؛ فورد عليه رسول ملك الروم بهدايا فنظر الى إيوانه فرأى فى ميزانه اعوجاجا، فقال: ما هذا الاعوجاج؟

فقيل له: إن عجوزا لها منزل فى جانب هذا الاعوجاج فأرادها الملك على بيعه وأرغبها فى الثمن فأبت، فلم يكرهها وبقى الاعوجاج على ما ترى. فقال الرومىّ: هذا الاعوجاج أحسن من هذا الاستواء. وكتب إليه ملك الصين: من نقفور «٢» ملك