للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إرادة هذا الأمر الذى قد أتمة الله لكم: من الإثخان فى الأعداء، والتمكن فى البلاد، والسعة فى المعاش، ودرك العز، وبلوغ ما نلتم؛ فقد أصبحتم بحمد الله ونعمته على الشرف الأعلى من النعمة، والفضل الأكبر من الكرامة والأمن، وقد هزم الله أعداءكم وقتّلهم؛ فهم بين مقتول هالك، وحىّ مطيع لكم سامع؛ وقد بقى لكم عدوّ عددهم قليل، وبأسهم شديد، وشوكتهم عظيمة؛ وهؤلاء الذين بقوا أخوف عندى عليكم، وأحرى أن يهزموكم ويغلبوكم من الذين غلبتموهم من أعدائكم، وأصحاب السيوف والرماح والخيول؛ وإن أنتم أيها الناس غلبتم عدوّكم هذا الباقى، غلبتكم لعدوّكم الذين قاتلتم وحاصرتم، فقد تمّ الظّفر والنصر، وتمّت فيكم القوّة، وتمّ بكم العزّ، وتمّت عليكم النعمة، وتمّ لكم الفضل، وتمّ لكم الاجتماع والألفة والصحة والسلامة؛ وإن أنتم قصّرتم ووهنتم، وظفر هذا العدوّ بكم فأين الظّفر الذى كان منكم، فاطلبوا أن تقتلوا من هذا العدوّ الباقى مثل ما قتلتم من ذلك العدوّ الماضى؛ وليكن جدّكم فى هذا واجتهادكم واحتشادكم أكبر وأجلّ وأحزم وأعزم وأصح وأشدّ، فإن أحقّ الأعداء بالاستعداد له أعظمهم مكيدة، وأشدهم شوكة، وليس الذى كنتم تخافون من عدوّكم الذى قاتلتم بقريب من هؤلاء الذين آمركم بقتالهم الآن؛ فاطلبوه وصلوا ظفرا بظفر، ونصرا بنصر، وقوّة بقوّة، وتأييدا بتأييد، وعزما بحزم وعزم، وجهادا بجهاد؛ فإن بذلك اجتماع إصلاحكم، وتمام النعمة عليكم، والزيادة فى الكرامة من الله لكم، والفوز برضوانه فى الآخرة.

ثم اعلموا أن عدوّكم من الترك والروم والهند وسائر الأمم لم يكونوا ليبلغوا منكم- إن ظهروا عليكم وغلبوكم- مثل الذى يبلغ هذا العدوّ منكم إن غلبكم وظهر عليكم؛ فإن بأس هذا العدوّ أشدّ، وكيده أكبر، وأمره أخوف من ذلك العدوّ.