وساروا الى بعض الديارات التى فى أطراف العمارة، فلما أوطنوه للراحة لحقتهم خيل بهرام جوبين، فلما نذروا بهم أنبه بندويه أبرويز من نومه وقال له: احتل لنفسك فإن القوم قد طلبوك «١» . فقال كسرى: ما عندى حيلة. فقال بندويه:
إنى سأحتال لك بأن أبذل نفسى دونك؛ قال: وكيف ذلك؟ قال: تدفع لى ثوبك وزينتك لأعلو الدير وتنجو أنت ومن معك من وراء الدير، فإن القوم إذا وصلوا ورأوا هيئتك علىّ اشتغلوا بى عن غيرى، وطاولتهم حتى تفوتهم، ففعل ذلك.
وخرج أبرويز ومن معه، ثم وافت خيل بهرام الدير وعليهم قائد لهم يقال له بهرام ابن سياوش فاطلع عليهم بندويه من فوق الدير وعليه زينة أبرويز وثيابه، وأوهمهم أنه هو، وسأله أن ينظره الى غد ليصير فى يده سليما ويسير به الى بهرام جوبين، فأمسك عنه وحفظ الدير ليلة كاملة بالحرس. فلما أصبح اطلع عليه فى بزّته وحليته وقال: إن علىّ وعلى أصحابى بقية شغل من استعداد وصلوات وعبادات فأمهلنا.
ولم يزل يدافعه حتى مضى عامة النهار وأمعن أبرويز، وعلم بندويه أنه قد فاتهم، ففتح الباب حينئذ وأعلم بهرام سياوش بأمره، فانصرف به الى بهرام جوبين فحبسه.
وأما بهرام جوبين فإنه دخل المدائن وجلس على سرير الملك، وجمع العظماء فخطبهم وذمّ أبرويز ودار بينهم كلام، فكان كلهم منصرفا عنه إلا أن بهرام تتوّج وانقاد له الناس خوفا، ثم إن بهرام بن سياوش واطأ بندويه على الفتك ببهرام جوبين، فظهر بهرام على ذلك، فقتل سياوش وأفلت بندويه ولحق بأذربيجان، وسار أبرويز حتى أتى أنطاكية فكاتب ملك الروم منها، وراسله بجميع من كان معه وسأله نصرته، فأجابه الى ذلك وزوّجه ابنته مريم وحملها إليه، وأمدّه بثياذوس أخيه ومعه ستون ألفا من المقاتلة، عليهم رجل يقال له سرجس، يتولى تدبير