للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بواره، وقد تمّ فى هذا الوقت ما دبّرناه، وميعادك فى الإيقاع به يوم كذا وكذا، ثم دعا راهبا فى دير بجوار مدينته وقال له: أىّ جار كنت لك، قال: أفضل جار، فقال: قد بدت لنا اليك حاجة، فقال الراهب: الملك أجلّ من أن يكون له إلىّ حاجة، ولكن عندى بذل نفسى، فما الذى يأمر به الملك؟ قال كسرى: تحمل لى كتابا الى فلان صاحبى، قال نعم، قال كسرى: ستمرّ بأصحابك النصارى فأخفه، فلما ولّى عنه الراهب قال له كسرى: أعلمت ما فى الكتاب؟ قال لا، قال:

فلا تحمله حتى تعلم ما فيه. فلما قرأه أدخله فى جيبه ثم مضى. فلما صار فى عسكر الروم ونظر إلى الصّلبان والقسّيسين وضجيجهم بالتقديس والصلوات احترق قلب الراهب وأشفق عليهم وقال فى نفسه: أنا شرّ الناس إن حملت بيدى حتف النصرانية، وهلاك هؤلاء الخلق؛ فصاح الراهب: أنا لم يحملنى الملك كسرى رسالة ولا معى كتاب، فأخذوه فوجدوا الكتاب معه، وقد كان كسرى أيضا وجّه رسولا قبل ذلك وأمره أن يمرّ بعسكر الروم كأنه رسول الى كسرى من صاحبه الذى وافق ملك الروم ومعه كتاب فيه: إنّ الملك كان قد أمرنى بمقاربة ملك الروم، وأن أخدعه وأخلى له الطريق، فيأخذه الملك من أمامه وآخذه أنا من خلفه، وقد فعلت ذلك، فرأى الملك فى إعلامى وقت خروجه اليه. فأخذ ملك الروم الرسول وقرأ الكتاب وقال: قد عجبت من أن يكون هذا الفارسىّ معى على كسرى، ووافاه كسرى أبرويز فيمن أمكنه من جنده، فوجد ملك الروم قد ولّى هاربا فاتبعه يقتل ويأسر من أدرك، وبلغ صاحب كسرى هزيمة الروم فأحبّ أن يخلى نفسه ويستر ذنبه. فلمّا فاته ما دبّر خرج خلف ملك الروم يقتل فيهم ويأسر، فلم يسلم منهم إلّا القليل.