عمّالك. فأعجب النجاشىّ عقل أبرهة وأقرّه على مكانه ورضى عنه؛ فبقى الى زمان كسرى أنو شروان وهو صاحب الفيل.
وكانت قصّته أنه نظر الى أهل اليمن يتأهّبون للحجّ، فسأل عن أمرهم، فأخبر أنهم يخرجون حجّاجا الى مكة فقال: أنا أكفيهم تجشّم هذا السفر البعيد ببيعة أبنيها بصنعاء فيكون حجّ اليمن إليها، وأمر ببنائها فبنيت. وقد تقدّم وصفها فى الفنّ الأوّل «١» فى المبانى، ونصب عند المذبح درّة عظيمة تضىء فى الليلة الظلماء كما يضىء السّراج، ثم نادى فى أهل مملكته بالحجّ إليها، فغضب العرب لذلك، فانطلق رجلان من خثعم فأحدثا فى البيت الذى بناه ولطّخاه بالعذرة.
وقيل: إنّ الذى فعل ذلك رجل من كنانة، فاتّهم أبرهة قريشا بذلك، وكان حينئذ بصنعاء تجّار من قريش فيهم هشام بن المغيرة، فأحضرهم وسألهم عمّن أحدث فى بيعته، فأنكروا أن يكونوا علموا بشىء من ذلك، فقال أبرهة: ظننت أنكم فعلتم ذلك غضبا لبيتكم الذى يحجّ إليه العرب، فقال هشام بن المغيرة: إنّ بيتنا حرز تجتمع فيه السّباع مع الوحوش، وجوارح الطير مع البغاث، ولا يعرض منها شىء لصاحبه، وإنما ينبغى أن يحجّ الى بيعتك هذه من كان على دينك، فأمّا من كان على دين العرب فلا يؤثر على ذلك شيئا. فأقسم أبرهة ليسيرنّ الى البيت فيهدمه حجرا حجرا. فقال له هشام بن المغيرة: إنه قد رام ذلك غير واحد من الملوك فما وصلوا إليه لأنّ له ربّا يمنعه. فخرج أبرهة فى أربعين ألفا وسار بالفيل، فغضبت لفعله همدان وجمعت إليها قبائل من اليمن- وكان ملكهم رجلا من أشراف اليمن يقال له ذو نفر- فاستقبلوه فحاربوه فهزمهم وظفر بذى نفر ملك همدان ونفيل بن