ثم علا جبل أبى قبيس هو وحكيم بن حزام ونفر من سادات قريش، وهرب الناس فلحقوا برءوس الجبال، وأمّ أبرهة البيت وقدّم أمامه الفيل، وكان أكبر فيل رآه الناس كالجبل العظيم، واسمه بلسان الحبشة محمود؛ فلمّا انتهى الفيل إلى طرف الحرم برك، فكانوا ينخسونه، فإذا أخذوا به يمينا وشمالا هرول، وإذا أقحموه برك. فلم يزل كذلك بقيّة يومهم. فلمّا قارب المساء نظروا إلى طير قد أقبلت من نحو البحر لا تحصى كثرة أصغر من الحمام، فعجبوا من كثرتها ولم يعرفوها ولا رأوا على خلقتها طيورا، وكان مع كلّ طير ثلاثة أحجار: حجران فى رجليه، وحجر فى منقاره، على مقدار الحمص، فرفرفت على رءوسهم وأظّلت عسكرهم، ثم قذفت بالحجارة عليهم، وهبّت ريح شديدة فزادت الحجارة صعوبة وقوّة، فكان الحجر منها إذا وقع على رأس الرجل منهم نفذ حتى يخرج من دبره، فإذا سقط على بطنه خرج من ناحية ظهره؛ فكان ما أخبر الله عزّ وجلّ عنهم فى سورة الفيل:(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ «٢» )
. وخرج عبد المطّلب وأصحابه فملأوا أيديهم من المال، وأرسل